هل تطيح ثورة الشيوخ بالرئيس؟

تصاعدت وتيرة الغضب داخل مجلس الشيوخ الموريتانى خلال الأيام الأخيرة بفعل الحملة التى تعرضوا لها من قبل قادة فى الحزب الحاكم وبعض أعضاء الحكومة، وسط عجز الجهات الحكومية عن احتواء الموقف.

التصريحات التى أطلقها الرئيس الموريتانى محمد ولد عبد العزيز فى مهرجان النعمه، وأعاد ترديدها قادة حزبه كانت كافية لإشعال ثورة الغرفة التى ظلت خارج التداول السياسى والإعلامى منذ فترة.

سلسلة اجتماعات داخل المجلس المجاور لقصر الرئيس وأخرى خارجه، واذلال مستمر لأعضاء الحكومة الذين فرض عليهم الشيوخ النوم أكثر من مرة داخل الغرف دون أن يحظوا بمقابلة اللجان البرلمانية المختصة أو يعتذر لهم عن فتور الاستقبال والرفض المطلق.

لم يرفع الشيوخ لحد الساعة سقف المطالب كمطالبة الرئيس بالاعتذار أو الرحيل، لكن الغضبة المفاجئة لأعضاء الغرفة طالت أبرز أركان حكمه، فبعضهم جمد عضويته بحزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، والبعض اختار مقاطعة الأنشطة التى دعا لها الحزب، وآخرون قرروا مقاطعة زيارة الرئيس.

ولعل المفاجئ فى اللعبة السياسية الجارية هو رفض المغاضبين لأي وساطة أو حوار مع الطرف المتهم وبالإساءة والتمترس خلف الصلاحيات الممنوحة لهم فى الدستور من خلال تعطيل كافة أعمال الحكومة، فى ظل عجز الرئيس عن حل المجلس أو اجباره على تغيير موقفه بفعل الضمانات الدستورية المنصوص عليها، وهو مايشى بنذر أزمة قد تكون تداعياتها على الوضع السياسى بموريتانيا جد ثقيلة.

ويواجه الرئيس حرجا بالغا فى التعامل مع الغرفة، بحكم تبريره لانقلابه 2008 بمس سلفه سيدى محمد ولد الشيخ عبد الله من مكانة البرلمان والتنغيص من دوره، ودفاعه هو ذاته ومجمل أركان حكمه اليوم عن حراك المجلس ذاته فى آخر أيام ولد الشيخ عبد الله باعتباره أحد مظاهر الحياة الديمقراطية، والتعامل مع مؤسسة الرئاسة المنزعجة من سلوك الشيوخ باعتبارها خارج على القانون وساعية لتعطيله.

ورغم حرص أعضاء المجلس فى خرجاتهم القليلة على حصر الأزمة مع الحكومة، إلا أن البعض لديه احساس أو شعور بتصاعد الأزمة بين الطرفين، وسط مخاوف من أن يمهد المجلس لأزمة سياسية جديدة قد تكون قادرة بالفعل على تبرير  الإطاحة به من قبل بعض معاونيه، فى بلد اتسم بالتغيير السلس وغير السلس للحكام كلما انهارت الثقة بين صفوة النخبة الممسكة بتسييره.