غزواني.. الرئيس المنصف / بقلم عبد الله سيداتي

فوجئ الرأي العام الموريتاني، خلال الأسبوع المنصرم، بمشهد غير مألوف في الساحات المطلة على القصر الرئاسي: مئات من العمال والمدرسين يتظاهرون، لا احتجاجا كما جرت العادة، بل دعما لقرارات حكومية أنصفتهم، وكرّست استحقاقهم في مؤسسات خدموها بعرقهم سنوات طوالا، مرّت خلالها معظم الأنظمة دون أن تلتفت لترسيمهم، حتى جاء الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني.

لقد اعتاد الموريتانيون أن تكون ساحات القصر قبلة للمظلومين، تمتلئ بهم أيام الأسبوع، حتى لُقّب أحد مستشاري الرئيس في وقت مضى بـ”مستشار الصدراية”، لكثرة ما استقبل من شكاوى دون أن تترتب عليها حلول. أما أن تشهد الساحة مظاهرات مؤيدة لإجراءات اجتماعية ـ لا انقلابية ولا سياسية ـ فهذا حدث نادر الحدوث، ويمثل سابقة في المشهد الوطني.

إنصافٌ من البداية

الذين تفاجأوا من حجم الإنصاف الذي نال هذه الفئة لم يتابعوا، بالتأكيد، سيرة الرئيس الذي استحق ـ عن جدارة ـ صفة الرئيس المنصف. فقد فاجأ الموالين والمعارضين، منذ أول خطاب سياسي له يوم فاتح مارس 2019، حين أعلن ترشحه للرئاسة بخطاب نادر في مضامينه، منصف لمن سبقوه من الرؤساء، واصفًا إياهم بالوطنية وخدمة البلد، في وقت كانت فيه الخطابات الرسمية تقوم على تخوين الخصوم والطعن في كل السابقين وغمطهم.

ومنذ تسلمه مقاليد الحكم، انطلقت مسيرة الإنصاف: أعيد رجل الأعمال محمد ولد بوعماتو والمعارض المصطفى ولد الإمام الشافعي، وأنصِف العمّال البسطاء، بل إن النشاط الوحيد الذي حضره في حملته داخل دار الشباب كان مخصصًا للحمالين، الذين لم يتأخر في منحهم وثائق عملهم القانونية. واستمر خط الإنصاف بتمكين الأسر الهشة، وتحسين أوضاع المتقاعدين، وزيادة الرواتب، وتوفير السكن للمدرسين لأول مرة، في إجراءات لامست عمق معاناة الناس.

إنصاف الساسة

ولم يكن هذا الإنصاف حكرًا على الجانب الاجتماعي؛ بل امتد ليشمل المشهد السياسي برمّته. لم يكن عبثًا أن يختار داعمو الرئيس اسم “حزب الإنصاف”، فالإنصاف أصبح سِمَة لهذا الحكم. رُخّصت حركة “إيرا”، وأعيد فتح جمعيات كانت مغلقة، وأُقرّ قانون جديد للأحزاب، وأصبح بإمكان أي سياسي معارض أن يلتقي مسؤولين في أعلى هرم السلطة. بل عُيِّن في الحكومة والإدارة سياسيون معارضون، وإعلاميون لهم مواقف محسوبة في صف المعارضة، وهو ما لم تعرفه البلاد في تجاربها السياسية السابقة.

بهذا النهج، سيدوّن التاريخ اسم محمد ولد الشيخ الغزواني باعتباره الرئيس المنصف، الذي لم ينصف الأفراد فحسب، بل أنصف الدولة والمجتمع، وأعاد صياغة العلاقة بين المواطن والسلطة، على أساس من الحقوق والكرامة والعدل.

#زهرة_شنقيط
#تابعونا