موريتانيا ومجموعة الساحل الخمس : نقاط القوة ومرتكزات النجاح

اجتمع رؤساء مجموعة دول الساحل الخمس والتي تضم كلا من موريتانيا ومالي وتشاد والنيجر وبوركينا فاسو في مدينة "بو" بفرنسا بناء على دعوة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لنقاش الوضعية الأمنية للساحل وتدارس أنجع السبل والوسائل لتطوير الشراكة بين هذه الدول وفرنسا، بهدف جعل محاربة الإرهاب في الساحل أكثر فاعلية.

ويأتي هذا اللقاء بعد موجة غضب عبر عنها ساكنة المنطقة خصوصا بمالي والنيجر على مواقع التواصل الاجتماعي ضد الوجود الفرنسي ببلدانهم.

لقد كان هذا الاجتماع فرصة للرئيس الفرنسي ماكرون ليعلن من خلالها عن إرسال بلاده 220 جنديا إضافيا بهدف تعزيز الحضور الفرنسي بالمنطقة. كما أعلنت كل الأطراف المشاركة في اللقاء عن إنشاء مجموعة "التحالف من أجل الساحل"، والتي تتمثل مهمتها في تنسيق وتركيز العمليات العسكرية على المناطق الحدودية بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو.

 

وتأتي قمة "بو" أسابيع قبل انعقاد قمة مجموعة الساحل الخمس، بالعاصمة الموريتانية نواكشوط يومي 24 و25 فبراير القادم، حيث ستشهد هذه القمة انتقال الرئاسة الدورية للمجموعة إلى موريتانيا.

 

وفي الواقع، يمكن لموريتانيا أن تلعب دوراً محورياً في هذه المجموعة، لتوفرها على العديد من نقاط القوة، والميزات التفضيلية التي لا يمتلكها غيرها، وأهم هذه النقاط: 

 

1.

موقعها الجغرافي والاستراتيجي والأمني الحيوي.

 

2.

 

لقد كانت مساهمة موريتانيا في محاربة التطرف العنيف في المنطقة مساهمة متميزة، سمحت لها بتأكيد أنها الدولة المحورية في المجموعة، من خلال دورها البارز في إنشاء هذه المجموعة أصلا، وفي المحطات البارزة من مسيرتها، سواء من خلال:

 

- استضافة أول اجتماع لها، أي القمة التأسيسية.

- اتخاذ نواكشوط مقرا لأمانتها الدائمة.

- استضافة كلية التدريب العسكري التابعة لها.

- استضافة أول مؤتمر للمانحين في المنطقة.

 

3.

 

تحظى موريتانيا بثقة معتبرة لدى مختلف الدول الأعضاء في المجموعة، حيث تشكل علاقتها بهذه الدول صمام أمان للمجموعة، وجسرا للتنسيق بين مختلف هذه الدول رغم التباين فيما بينها في العديد من الملفات.

 

4.

 

يمكن أن يكون الاستقرار السياسي الذي تعرفه موريتانيا في منطقة تعاني من أزمات في الهوية وغيرها بمثابة ضمان للنجاح بالنسبة للشركاء الدوليين، ومبعث أمل وثقة يمكن أن يستغل لصالح المهمة المنشودة خلال رئاسة البلاد لهذه المجموعة، هذه بعض العناصر التي ستجعل بالتأكيد رئاسة موريتانيا لمجموعة دول الساحل الخمس إيجابية للغاية.

 

5.    

 

بعد آخر، لا بد من مراعاته، وهو الثقة التي تحظى بها موريتانيا، والعلاقات الطيبة التي تربطها بالسكان الأصليين في المناطق التي تشكل بؤر توتر، وتوفر حاضنة للمجموعات المسلحة، وهي نقاط يمكن لموريتانيا استغلالها لصالح السلم والاستقرار في شبه المنطقة.

 

6.

يمتلك الرئيس المقبل لمجموعة دول الساحل الخمس، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، الرئيس الموريتاني تجربة راسخة في قضايا الأمن بالساحل، كما أنه كان مهندس المقاربة الأمنية الموريتانية الحالية والتي أثبتت نجاعتها، وتعتبر مرجعية في محاربة الإرهاب والجرائم العابرة للحدود في شبه المنطقة.

 

لقد تبنى منذ تسلمه للسلطة بموريتانيا استراتيجية الانفتاح على جميع مكونات الطيف السياسي بالبلاد، مما يساهم لا محالة في تعزيز الاستقرار السياسي والأمني خدمة للديمقراطية.

 

7.

 

لقد كانت الفترة أيضا التي قضاها وزير الدفاع الموريتاني الحالي، السيد حنن ولد سيدى قائدا للقوات المشتركة لمجموعة دول الساحل الخمس محل إشادة من قبل الشركاء الأجانب، وكذا قوات حفظ السلام الأممية في مالي "المينيسما" والقوات الفرسية "بارخان"، مما سيمكن موريتانيا من الاستفادة من هذه التجربة لتنفيذ المهمة الموكلة إليها على أحسن وجه.

 

8.

 التغيير الديمقراطي الذي عرفته موريتانيا، والانتخابات المنتظرة في النيجر، والحراك السياسي والاجتماعي في مالي، كلها عوامل يمكن العمل عليها لتوفير ظروف أكثر مناسبة لجر الأطراف المالية نحو اتفاق جدي يرضي كل الأطراف، وينزع فتيل النزاع الذي طال أمده، ويفقد الحركات المسلحة الحاضنة التي تأوي إليها في هذه المناطق.

 

9.

بما أن موريتانيا ستستضيف التدريبات العسكرية التي تنظمها الولاية المتحدة الأمريكية، بمشاركة أكثر من ثلاثين دولة "فلينتلوك - فبراير 2020"، فإنه بإمكانها بالتالي الاستفادة من هذه الفرصة العظيمة لإقناع الأمريكيين بضرورة تقديم المساعدة لدول مجموعة الساحل الخمس بالساحل من أجل القضاء على الإرهاب في شبه المنطقة.

 

10.

 يجب أن يعتمد تحالف الساحل آلية مراقبة لتسريع تقدم الالتزامات في جانب تنمية هذه المناطق والذي سيكون له تأثير إيجابي على السكان المستهدفين.

 

ويجب أن تتضافر جهود الجميع من أجل تمكين بلدان الساحل من تلبية احتياجات السكان المحليين الذين يعانون من مشاكل عديدة كالتغييرات المناخية والفقر والبطالة والأمية ونقص المياه والرعاية الصحية، انعدام الأمن الخ.

 

تجدر الإشارة إلى أن الشباب، الذين يمثلون أكثر من 65٪ من سكان منطقة الساحل، يمثلون في نفس عامل قوة إن أحسن استغلاله وعامل خطر – لا قدر الله - إن تم تجاهله، حيث يشكل  العمود الفقري لجميع الإجراءات التي تهدف إلى أن تكون مستدامة وبالتالي فيجب أن يتم حل مشكاله بشكل جذري.

 

وبالمناسبة، أود أن ألفت انتباه جميع الشركاء إلى حقيقة أن الشباب ما يزال الهدف المفضل للإرهابيين الذين يستغلون هشاشة هذه الفئة الاجتماعية التي تفتقر إلى كل شيء. ولهذا لا بد من إيجاد الحلول الجذرية لمشاكل هذه الفئة الاجتماعية في بلدان شبه المنطقة.

 

محمد المختار حسني - عضو المكتب التنفيذي للمجلس الأعلى للشباب