قراءة في خطاب الرئيس غـزوانـي / الدكتور محمد يحي ولد باباه

   استمعت بروية لخطاب الرئيس المنتخب محمد ولد الشيخ الغزواني بعد أدائه لليمين الدستورية رئيسا للجمهورية الإسلامية الموريتانية، شعرت  أثناء تلقف عقلي لإشارات أروقة مضمون الخطاب بضرورة استكناه ما حمله من دلالات عزفت سنفونية مشروع مجتمعي أودعه الرئيس داخل ما ينم بجلاء عن أبعاد منظومية لرؤية تصورية للحكم السياسي لموريتانيا الحبيبة.

       و قد ترتبت بنيات هذا الخطاب لتُسقَطَ بعون الله تعالى على واقع بلدنا العربي الإفريقي المسلم الذي مازال  ـ للأسف الشديد ـ يئن تحت وطأة كثير من التحديات التي يبقى من أشرسها تدني الوعي المدني الذي يغيــَّبُ احترام القانون و يدوس قيم المواطنة، والافتقار لحكامة رشيدة تكفل استغلال الموارد الاقتصادية الهائلة وفق أفضل السبل مع تأسيس ذلك على المعاني المعرفية الحقيقية لأسباب نهضة شاملة بمعناها الحضاري المتركز في الخروج من رواسب القصور  إلى أضواء الرشد المتنور.

 و لعله من الصدارة بمكان الإشارة ـ و لو باقتضاب ـ إلى أن الرئيس المنتخب غزواني رسم من خلال الملامح العامة لمشروعه الطموح لوحة تبث بدون شك أشعة آمال كبيرة كفيلة بتجاوز هذا الشعب لمحنه الكثيرة و خاصة تلك المحن لتي يشعرنا بها دائما فشل مسارات الحكامة الرشيدة لبلدنا الغني ذي الكثافة السكانية المحدودة منذ عقود من الزمن، تلك العقود التي أضحت كبوات فرسانها تتلاحق  أمام جسامة التحديات .

      وعبر استطراد مختصر جدا لبعض ما أعلن عنه الرئيس في خطاب تنصيبه سنستخدم معاول قراءتنا ضمن مشروع السيد الرئيس،

     لقد أفصح بثبات ملحوظ  و بقوة خطابة متميزة وسلامة لغوية فريدة عن إعجابه بما عبر عنه الموريتانيون من نضج و تشبث بتشريعاتهم الدستورية خلال الانتخابات، كما حيا الغالبية على التفافها حول مشروعه الانتخابي الطموح، مسجلا حضور البرامج الانتخابية المنافسة له إيجابيا بوصفها كفلت التنوع في الخيارات، و من أبرز ما عرض له الرئيس كذلك سعيه لإطلاق نهضة تنموية شاملة ذات انعكاس مباشر و سريع على حياة المواطن، و ذلك ضمن رؤية ثنائية الأبعاد تتوخى تخفيف وطأة الحاضر و تخفيف المستقبل ـ كما أشار إلى ذلك ـ اعتمادا على جعل المساواة وتكافئ الفرص وخلق آلاف مراكز التشغيل سبيلا واعدا لإزالة مظاهر الغبن و الحيف من واقع المجتمع، ثم أبان فيما يتعلق ببناء الإنسان عن إرادة حازمة من أجل إصلاح النظام التهذيبي وتطوير الثقافة و الفنون والنهوض بدور المرأة والشباب و العمل على تنمية اقتصادية منتجة قادرة على خلق قيمة مضافة، واعتبر أن مشروعه يتطلب توفير إدارة فعالة ومناخ سياسي هادئ

 إذا أبان الرئيس عن جسور واعدة لتحقيق الرفاه الاقتصادي و الاجتماعي لموريتانيا كبلد نام مازال يئن تحت وطأة الكثير من التحديات

            أدوات إذا يريد الرجل أن يوظفها ضمن حقل دلالي ترسم معالمه آكسيولوجيا خيرة لا محالة تنزع إلى استتباب الأمن و الأمان  و تعزيز دولة المواطنة المتصالحة مع ذاتها و تعميق الوعي الديمقراطي و الوحدة الوطنية و تحقيق العدالة الاجتماعية المنصفة لمكونات هذا الشعب و رفع كافة التحديات التي يواجهها

         خاطب عمق هذه الكلمة و شموليتها كياني قائلا:

 إن مبنى و معنى هذا الخطاب عكس بحق ملامح مشروع مجتمعي صائب تعانق فيه العدالة الوعي المدني المتقدم  لهذا الشعب الغني بتنوعه العرقي ومقدراته الاقتصادية، كان هذا الخطاب ذا بناء منطقي يفيض حصافة و عمقا  و منطقا  و تمكنا حقيقيا من معرفة أروقة الفكر السياسي المؤسس على الحس الوطني السليم  

      نحن بحاجة متواصلة رغم ما بذل من جهود إلى تدعيم السيادة الوطنية، و تضييق الهوة بين المواطن و رعاة شؤونه، و تكريس الإعلام لخدمة ديننا الإسلامي الحنيف، و تسخير المال العمومي لوظائفه المعهودة بكل شفافية و صرامة، إلى غير ذلك مما يحمله قاموس المشهد من مفاهيم ينبغي أن تجد مستندات حقيقية لها في الواقع

    مدنا خطاب رئيس الجمهورية المنتخب بكل معاني السعي لتحقيق الرفع من الوعي المدني للمواطن و الدفع بالبلاد نحو رفاهية كبيرة