
أحرَمْنِي يالرَّبْ امنْ النارْ ۞ عاگبْ ذَ من صَوْعْ الكفارْ
مَرّگْـــنِ كُولُـنَلْ ادْيَــــــــــارْ ۞ ما نتخمَّمْ عنهَ نرْحلْ
گَسْتْ أطارْ ءُ جَانِي فأطارْ ۞ وإتْركْتْ أطارْ إلْ كولنلْ
ءُ گِسْتْ التَّل ءُ لاَنِي باغيهْ ۞ ما نبغِي كنتْ إنْگِيسْ التَّلْ
يغيرْ إبْلَـــدْ كامــــــــلْ ما فيهْ ۞ كُولنَلْ ألاَّ متْــــــعدَّلْ
سمعت سابقا روايات مختلفة عن صاحب هذه الطلعة الجميلة التي تفيض مقاومة وتحررا ،فقرأت للباحث المغربي الدكتور محمد دحمان أن الطلعة للشاعر المقاوم "العياشي" وهو أحد شعراء قبيلة "عريب" البيظانية القاطنة في "محاميد الغزلان" بأعالي واد درعة ،وكان العياشي مناصرا لجهاد الشيخ عابدين ضد فرنسا وله إنتاج مبدع في هذا السياق.ثم قرأت لاحقا للباحث الدكتور سيد أحمد ولد الأمير أن الطلعة لسيد من سادات أولاد ديمان يدعى : سيديا ولد أحمد ولد المختار ولد قطرب، كان رافضا للاستعمار وهاجر عن بلاده ومات منفيا في تنبكتو .
اتصلت بعدد من الأدباء الوطنيين سائلا عن صاحب الطلعة وعن شخصية سيديا ولد قطرب وللأسف لم أحصل على بغيتي، وربما يعود ذلك لغياب التدوين عن تاريخ المقاومة أدبا ورموزا.
في إطار كتابي عن "جهاد الشيخ عابدين" تتبعت أخبار الشخصيات الموريتانية التي التحقت بجهاد هذا المقاوم الأزوادي الشرس الذي اتخذ من واد درعة مقرا لقيادة عملياته العسكرية ضد الاستعمار الفرنسي في الأقاليم الصحراوية - السودانية .وقد عثرت على شخصيات موريتانية عديدة شاركت في هذا الجهاد المبارك وقاتلت جنبا إلى جنبا مع قبائل مغربية وجزائرية وصحراوية وأزوادية في ملحمة مثيرة جديرة بالتأمل .
في الأسبوع الماضي – فقط- عثرت في واد درعة على معلومة ثمينة جديدة بالنسبة لي ،حيث روى لي بعض أحفاد الشيخ عابدين بعض الأخبار عن شخصية موريتانية تدعى : سيديا ولد قطرب أقام فترة في "حلة" الشيخ عابدين وتولى مهمة تدريس أبناء "الحلة" وفي مقدمتهم أبناء الشيخ عابدين وكان ذلك في حياة المجاهد الكبير .
كان الاعتقاد السائد بأن ولد قطرب توجه بعد احتلال أطار إلى تنبكتو - التي مات فيها- وأنها هي المقصودة ببلاد "التل" الوردة ذكرها في الطلعة ،ولكن "التل" (تنبكتو) عند أهل الحوض، ليس هو "التل " بالنسبة لأهل الترارزة ،فالمقصود ب "التل" في الطلعة هو "واد درعة" حيث توجه فعلا ولد قطرب بعد خروجه من أطار.حيث لم يكن هذا "التل" (واد درعة) قد خضع بعد للاستعمار .
واعتقد أن طلعت ولد قطرب هذه قد قالها خلال مقامه في "التل" ،وربما كان هذا سببا في عدم معرفتها على نطاق واسع في موريتانيا ،و خطأ أهل "التل " في نسبتها للأديب المقاوم "العياشي" – المشهور محليا بارتباطه بجهاد الشيخ عابدين- بخلاف ولد قطرب المعروف على نطاق ضيق .
لكن كيف هاجر ولد قطرب من واد درعة إلى تنبكتو؟ ولماذا كان موضع متابعة من الفرنسيين في أزواد؟ من المعروف لدينا أن سيديا ولد قطرب يعلم خضوع تنبكتو للسيطرة الاستعمارية منذ العام 1894م ،بحكم ارتباطه بمجموعات أزوادية مرابطة في واد درعة تنفذ عمليات دورية ضد القوات الاستعمارية في أزواد .فلماذا إذن توجه إلى أزواد انطلاقا من واد درعة؟ هل ذهب في مهمة جهادية (مقاتل في "غزي"،أو مبعوث في مهمة سرية)؟ أم أنه سافر إلى أزواد في إطار مهمة عادية علمية أو تجارية ؟
لكن لماذا كان ولد قطرب موضع متابعة من السلطات الاستعمارية في تنبكتو ؟ هل حصلت السلطات الاستعمارية على معلومات عن مهمة سرية كان يقوم بها لصالح المجاهد الشيخ عابدين؟ أم أن الأمر إجراء احترازي عادي بعد علم السلطات الاستعمارية بعلاقاته بالمجاهد الشيخ عابدين وإقامته السابقة في مخيماته بواد درعة؟
المؤكد لدينا أن سيديا ولد قطرب رحمه الله قاوم الاستعمار بأدبه الأصيل والعميق ،وقاومه من خلال الهجرة إلى المجاهدين والمرابطة معهم و تعليم أبناءهم . لقد كان سيديا ولد قطرب حرا نبيلا كارها للاستعمار الفرنسي متمردا على سلطانه ومن أجل ذلك خرج مهاجرا في سبيل الله ،مفارقا لربوع أهله (أولاد باب أحمد الديمانيين) عند بئر "إكرم".
مَرّگْنِ كُولُنَلْ ادْيَارْ ۞ ما نتخمَّمْ عنهَ نرْحل
يغيرْ إبْلَدْ كاملْ ما فيهْ ۞ كُولنَلْ ألاَّ متْعدَّلْ
وهي ربوع كان ولد قطرب في شبابه عاشقا لها ولناسها. كما نلمس ذلك بوضوح في كاف سابق له،يقول فيه:
يوم انَّصبح عند آجغيدْ @ رايح الگرم ابجــــــــاوِ
يوغد جمل يالشيخ سيد@ المختــار الكنـتـاوي