ولد بدر الدين : مناهضو فرنسا لم يفرحوا كثيرا بالاستقلال المنقوص

قال القيادى بحزب اتحاد قوى التقدم المعارض المصطفى ولد بدر الدين إن المجتمع الموريتانى انقسم منذ نهاية القرن التاسع عشر بشكل حاد حول آليات التعامل مع "فرنسا" وحملات الغزو الإستعمارى، وإن الخلاف ظل مستمرا إلى غاية رحيل آخر جندى فرنسى من موريتانيا.

 

وأضاف ولد بدر الدين فى ندوة بفندق الخاطر ليلة الأربعاء 25 نوفمبر 2015 بأن البعض رحب بالمستعمر وحرم قتاله و الاعتراض علي مخططاته وناصره وآزره، وله مرجعيته واجتهاده ومواقفه المعلومة بين الناس – وهو معذور في ذلك والله حسيبه- . لكن هنالك من حاربه ورفضه وحرم التعامل معه، ورفض الاستفادة من مؤسساته التعليمية أو الحظوة التى يمنحها للموالين له وتعرض للاضطهاد والقتل على يديه أو بأيدى عملائه المدافعين عنه.

 

واعتبر ولد بدر الدين أن للطرف الأول مايبرر به موالاته للغرب المستعمر، ولكن للطرف الثانى حججه الواضحة فى رفض الاستعمار، والاعتزاز بالشعور الوطنى والدينى الذى يدفعه لرفض محتل جاء لاغتصاب الأرض ونهب خيراتها واستعباد السكان وانتهاك السيادة، وفرض موالين له على الشعوب المنتفضة فى وجهه.

 

وتابع ولد بدر الدين قائلا إن الأمور تطورت لصالح موقف المستعمر والموالين له، وفرض الحكم الفرنسى بقوة النار ودعم الشيوخ الموالين للاستعمار، لكن حينما فتحت آليات أخرى لمعارضة فرنسا واستعمارها للقارة الإفريقية، تسابق الناس إلى تشكيل أقطاب مناوئة وموالية لها ، حيث تأسس حزب "لقريسه" الموالى لفرنسا، وفى مواجهته تأسس حزب الوفاق والوطنيين، وكانت المعركة السياسية مفتوحة بين الجناح الوطنى المناهض للمستعمر الفرنسى، والجناح الموالى للمستعمر والذي يدعم ويرشح ضباط فرنسا أو مقربين منها، وهى المعركة التى ورثها حزب الوفاق للنهضة، والشباب الموريتانى، واستمرت إلى غاية الاستقلال عن فرنسا.

 

 وأكد ولد بدر الدين تفهمه لاختيار فرنسا موالين لها من أجل تسيير الأمور فى البلد بعد أن باتت الأمور تصب فى مصلحة رحيل المستعمر عن القارة، ولكنه أكد معارضته لها وللحكم الذى فرضته على المجتمع، وهو الموقف الذى تبنته قوى سياسية كثيرة، رأت فى تشكيل جبهة من الموالين لفرنسا وتسليمها مقاليد الحكم استقلالا ناقصا، بل إن البعض – وهو محق- وصفه بالاستعمار الجديد، لأن الذين انتدبتهم فرنسا للحكم كانوا أكثر حرصا على مصالحها، وقمعا للحريات العامة من المستعمر ذاته.

 

وقال ولد بدر الدين إنه لايريد فرض رؤيته على أحد، ولا الحركة الوطنية تريد مصادرة آراء المجتمع أو الهيمنة على مواقفه، لكنه لن يقبل بتزوير التاريخ أو السكوت عن محطات كانت كاشفة للبعض، بعد أن اختار الانحياز للمستعمر واستفاد من ريعه، وفرض نفسه على الناس من دون نضال أو تضحية بقوة الغرب المهيمن على مقدرات القارة السمراء.

 

وختم بالقول " لكل الذين ناقشوا فكرة انحياز فريق من المجتمع الموريتانى للسلطات الفرنسية ومعارضة طرف آخر لها، دعونا نعود للتاريخ، فالخطابات موجودة والمواقف معلومة، والمجتمع يدرك من أشاد بالمستعمر وبرر احتلاله، ومن تصدى له ودافع عن استقلالية القرار، وناهض الهيمنة الأوربية المفروضة بقوة السلاح وعملاء الداخل".

 

زهرة شنقيط / 25 نوفمبر / 2015