موت سريرى لأبرز القوى السياسية المعارضة / تقدير موقف

تمكن رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزوانى من إزاحة مجمل القوى السياسة المعارضة عن طريقه، دون حوار شامل، أو إشراك فى الحكم، أو تلبية لبعض مطالبها، متقاسما صدارة المشهد العام مع رفيقه السابق، وخصمه الحالى الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز.


 

 

فمنذ انتخاب الرجل رئيسا للجمهورية نهاية 2019، تمكن من بسط سيطرة الأغلبية بمجمل رموزها السابقين على الحكم (جيل معاوية وأنصار عزيز) ، مع منح المعارضة التقليدية مساحة فى مكتبه من وقت لآخر، دون أن تنجح فى فرضه على الذهاب نحو الحوار الذى ظلت تطالب به، أو تقنعه بفك الارتباط مع من كانوا طلائع المنظومة التى ظلوا يصفونها بالفاسدة والمسؤولة عما آل إليه وضع البلاد خلال العقود الأخيرة.

 

حضور رمزى فى منصة الاستقلال، وآخر فى مهرجان المدن القديمة قبل إلغائه، وبضع ملايين لمؤسسة المعارضة الديمقراطية، وسلسلة من التعازى للأسر النافذة،وعودة بعض رموز النظام السابق الذين خاصموه بعد توطيد أركانه، كانت تلك حصة المعارضة طيلة السنة الأولى من حكم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى، بينما تاهت مفردات الطيف المعارض داخل سرب الأغلبية الجديد، واختفت مطالب النخب السياسية التقليدية، كإبعاد الجيش عن الحكم (منذ تولى قائد أركانه مقاليد تسيير البلاد)، ومحاربة الفساد ، بعد أن أعلن الرئيس عن تعطيله عمدا لتقارير محكمة الحسابات بدعوى عدم الدقة والخلط بين الأمور، مكتفيا بنشر غسيل بعض الموالين له وبعض المعارضين لرفيقه السابق، وتعطلت بيانات المعارضة المطالبة بالحوار الشامل، وأقصوصة الممهدات المحمولة من وقت لآخر، بعدما أكد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى فور انتخابه بأن الحوار غير مطروح والشعب أختار من يتولى تسيير البلد، وأبواب القصر مفتوحة أمام كل المواطنين.

 

 

وصمت بعض الطيف المعارض عن قصة المحاور وأخطاء النظام، بعدما تمسك النظام الحالى بمحاور سلفه، وأنهى أحلام الحالمين بعودة البلاد إلى مربع التوازن، من خلال تثبيت وزير خارجية سلفه فى منصبه خلال تعدلين للحكومة أو ثلاثة، ورفض عودة العلاقات الدبلوماسية مع قطر رغم الضجيج الذى صاحب قطعها إبان حكم الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، واستمر فى منهج سلفه فى مجمل الملفات الخارجية  المفتوحة منذ بعض الوقت ( مالى، وليبيا، واليمن، وقطر).

 

 

ويعتقد العديد من نشطاء المعارضة وبعض رموز الأغلبية بأن كلمة السر الوحيدة كانت فتح ملف الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز داخل البرلمان وإحالته للدوائر الأمنية، بحكم الخلاف الذى طبع علاقة الرئيس المنصرف ببعض معارضيه، وحضوره القوى فى المشهد العام داخل البلد خلال الأشهر الأولى من حكم رفيقه، ورغبة البعض فى الانتقام منه، ولو على حساب العدالة والديمقراطية ونجاعة الحكم ودولة القانون.

 

 

غير أن البعض الآخر لديه تفسير مختلف لحالة الركود الحالية داخل الطيف المعارض، فقوى المعارضة التقليدية تراقب مشهد تدمير النظام لنفسه بنفسه، واستهدافه المفتوح لمن حملوه إلى الكرسي فى انتخابات يونيو 2019، مع تحضير مستمر للانتخابات الرئاسية المقبلة (2024) ، بعدما أستنزفها الصراع المفتوح مع الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز قبل الموعد الأهم (2019) لتجد نفسها مجبرة على خوض معركة غير جاهزة لها من حيث الكوادر البشرية والوسائل المادية والعلاقة مع رموز الثقل الإنتخابى فى الداخل.

 

وتشير بعض التقارير المتداولة داخل هرم السلطة منذ أسابيع إلى حركية مكثفة لرموز المعارضة خلف الأبواب المغلقة منذ عودة بعض رموزها من الخارج، واستعادة البعض لحاضنته الشعبية بعد فتور أمتد لسنين، ومد جسور التواصل بين بعض قادتها مع رموز القبائل، والنواب والعمد، وسط حديث متصاعد عن خارطة سياسية قيد التشكل، لرجال الأعمال فيها حضور مقدر، ولبعض رموز المعارضة التقليدية منها نصيب وافر.