ولد أندح يكتب : ملاحظات وعِبَر بعد قهر بوركينا فاسو!

بعد الفوز الرائع الذي حققه المنتخب الوطني "المرابطون" على نظيره منتخب بوركينا فاسو العنيد بهدفين نظيفين؛ لحساب الجولة الثانية من التصفيات المؤهلة لكأس إفريقيا للأمم 2019، أجد الفرصة سانحة لتسجيل بعض الملاحظات السريعة التي أرى أن قولها بات وارداً الآن لأخذ العبرة مما مضى، والعمل على تصحيح الأخطاء، أخطاء الجميع، ولادعوة إلى الرجوع إلى الحق والصدع به عند انبلاج الحقائق، لإعطاء كل ذي حق حقه كاملاً؛

1- من حقنا كموريتانيين أن نفرح كثيراً بتحقيق فوز مهم على واحد من أقوى المنتخبات الإفريقية حالياً، وأفضلها تصنيفاً على مستوى العالم، لكن ذلك يجب أن لا يلهينا عن ضرورة التركيز على بقية المشوار ومواصلة العمل الجاد، كل من موقعه، للوصول إلى بر الأمان بسلام؛ متأهلين إن شاء الله إلى نهائيات كأس إفريقيا للأمم في الكامرون صيفَ العام المقبل، ومما لا شك فيه أننا قطعنا اليوم شوطاً مهماً نحو تحقيق هذا الهدف.

2- لقد ظهر منتخبنا اليوم بشكل رائع، وبقالب فني جدير بالاحترام والتقدير، ولقد شهد بذلك الخصوم قبل الأهلين، ومثل هذا الأداء الفني المتماسك والوجه التكتيكي المنظم، لا يمكن لأي فريق بلوغه إلا من خلال عمل مضن ذي كفاءة مهنية عالية، وهنا أجد من الواجب إنصاف الناخب الوطني كورينتان مارتينس لسببين وجيهين في نظري؛ الأول حيازته الحق في ما قاله عن تركيزه على مجموعة اللاعبين التي عمل معها على مدى السنوات القصيرة الماضية، وإصراره على كونها الأجدر بخوض هذا غمار هذا التحدي، كونها بدأت تواً تصل إلى مرحلة النضج والتجانس المشفوعين بعاملي الخبرة والتفاهم بين المجموعة، وهذا يعني أن المدرب كان على حق في رفضه للدعوات الكثيرة التي طالبته بتغيير لاعبيه بآخرين، بينما أصر على أن ذلك يعني هدم ما تم بناؤه والبدء مجدداً من المربع الأول، ولكن بدلاً من ذلك قرر المحافظة على أعمدة المجموعة، مع ضخ دماء جديدة شيئاً فشيئاً، وبين الفينة والأخرى، لتقدم الإضافة دون أن تلغي البناء على ما تم عمله سابقاً، والأمثلة معروفة وقابلة للزيادة.

3- لا بد هنا كذلك من الثناء على قرار اللجنة التنفيذية للاتحادية القاضي بتجديد الثقة في الجهاز الفني للمنتخب الوطني بعد بطولة "الشان"، رغم الضغوط الرهيبة التي مارسها الإعلام والجمهور يومها لإقالة المدرب وطاقمه.

ولقد تبيّن بالفعل أن قرار الاتحادية -من خلال اللجنة- كان حكيماً ومدروساً وأقرب إلى تغليب منطق العقل منه إلى لغة العاطفة القاتلة أحياناً.
ذلك أن مشروع الطاقم الحالي مع الفريق الأول كان مشروعاً ناجحاً حتى ذلك الحين وإلى الآن، ومن السذاجة والمراهقة الإدارية إنهاؤه لمجرد عدم التوفيق مع فريق المحليين، خاصة في المرحلة الحرجة من الطريق؛ حيث لا يمكن لأحد أن يضمن نجاح مشروع جديد سيضطر صاحبه للبناء من الصفر، وأمامه مواجهة منتخب بحجم بوركينا فاسو!.

وإذا كان لنا أن نعتبر من ذلك، فلنا أن نعتبر فعلاً، لأن الإعلام نفسه الذي هاجم المدرب يومها وطالب برأسه، ها هو اليوم يضطر إلى التهليل لانتصار عظيم من الواضح لكل ذي عين فنية بصيرة أن للمدرب القسط الأكبر في صناعته!
4- تثبت الأيام يوماً بعد يوم، أن هذه الاتحادية التي يقودها الأخ الرئيس أحمد ولد يحي اتحادية ناجحة وجادة، ورغم ما تتعرض له من انتقادات حادة وغير موضوعية أحياناً، فإن الرد عليها ظل دائماً من خلال تحقيق النتائج، وبناء المنشآت على أرض الواقع، فالجيل الذي حضر -أو سمع عن- مهرجان "هيدالة" عام 2003 على التراب الحجرية التي كانت تُعرف سابقاً بملعب العاصمة، ثم كُتب له أن يحضر من عين المكان مباراة دولية يفوز بها المرابطون على منتخب بوركينا فاسو في ملعب أنيق مصمم بشكل معماري جميل، في مشهد منقول عبر أكبر وأشهر قنوات العالم، لا بد أن يبحث في قاموسه مهما كان فقيراً عن كلمة أو اثنتين يُثني بهما على صانع هذا الإنجاز إن كان كريماً مجبولاً على العرفان بالجميل لأهله..

والجميل في الحياة دائماً أنها تعترف في الأخير غالباً للمجتهدين كلما اجتهدوا وثابروا وصبروا..

محمد ولد أندح