شكلت تجربة ائتلاف قوى التغيير بموريتانيا 2006 أبرز تجربة ناجحة للمعارضة السياسية ، بعد ان تمكنت من حصد 55% من المجالس المحلية و35% من الجمعية الوطنية فى انتخابات لم تسلم من تدخل الجيش ورجال الأعمال وشيوخ القبائل.
وساهم عقد تحالف انتخابى مبكر بين القوى المعارضة عشية المرحلة الانتقالية فى الفوز بأكثر من دائرة انتخابية، وكانت تجربة نواكشوط و مجمل كبريات المدن أهم ثمار تلك التجربة، مع دخول عدد من رموز المعارضة للبرلمان بشكل فاعل ومؤثر فى الحياة السياسية.
ولم تنشغل معارضة 2006 بخرق الجيش للدستور وتعطيل المؤسسات الديمقراطية وحلها بالكامل، والمساعى التى قادها بعض الضباط من اجل الرامية إشغالها ببعض المعارك الجانية، وخططت بشكل مبكر ومسؤول للدخول فى الانتخابات التشريعية والبلدية بشكل قوى ومنافسة قوى السلطة بكل أنواعها، وكان لها ما أرادت مع خروق قليلة فى نواذيبو واحدى بلديات العاصمة نواكشوط.
ويعتبر تعزيز هامش النسبية ووجود مجالس جهوية أهم معطى قد يدفع المعارضة للمشاركة من أجل تعزيز حضورها فى المؤسسات الدستورية، والتعامل بشكل مباشر مع المواطن، بدل تركه للأغلبية والقوى الممسكة بزمام السلطة، مع تراجع الضغط الدولى والاهتمام بالحرية والديمقراطية والشفافية فى دول العالم الثالث على وجه الخصوص.
وتعيش بعض القوى السياسية المعارضة حالة من الشلل بفعل ما آلت إليه الأوضاع بعد قرار المقاطعة 2013، وخروج قوى فاعلة ومؤثرة من المجالس البلدية والجمعية الوطنية، وترك المجال للأغلبية من أجل الانفراد بالحزب الوحيد الذى قرر المشاركة فى الاستحقاق الأخير.
وأظهرت تجربة مجلس الشيوخ الأخير قدرة المعارضة على التأثير فى المؤسسات الدستورية وإرباك النظام وشل بعض خططه وإحراجه بشكل كبير، ودفعه إلى خيارات كانت مستبعدة من مجمل متحدثيه خلال الأشهر التى سبقت الإطاحة بالتعديل الدستورى داخل البرلمان.