ولد عبد المالك: لهذا تقدمت الأحزاب الإسلامية في ممارسة الديمقراطية

قال كاتب والباحث الموريتاني المتخصص في الشؤون الأفريقية سيدي ولد عبد المالك إن التناوب على رئاسة حزبين إسلاميين أساسيين في الحياة السياسية بالمغرب و موريتانيا يشكل ردا عمليا على المشككين في قدرة الأحزاب السياسية الإسلامية على التأقلم مع مفردات العمل الديمقراطي والتكيف مع استحقاقاته المؤسسية".

وقال ولد عبد المالك (في تدوينة على حسابه بفيس بوك)،، إنه بهذه السنة الحميدة يبرهن الإسلاميون على أنهم متقدمون في ممارسة الديمقراطية وتجسيدها على منافسيهم الأيديولوجيين من ليبراليين و يساريين و قوميين.

وأعتبر ولد عبد المالك أن التناوب على رئاسة هذه الأحزاب يحمل رسائل أكثر من دلالة ومغري، فالإسلاميون الذين عانوا لفترات طويلة من التضييق و الحصار بحاجة لإشاعة ثقافة الديمقراطية لتعم و تنتشر كسلوك يقطع الطريق على الاستبداد و دعاته".

وأشار ولد عبد المالك إلى أن الداعي الثاني لمقاربة التناوب على رئاسة الأحزاب يتمثل في حرص الإسلاميين على استمرار مشروعهم السياسي بتغليب روح المؤسسية الحزبية على كاريزما الزعيم، التي تفقد المشاريع ألقها و تتحول معها القناعات من قناعات مبدئية خالصة إلي قناعات بالإفراد. فالكثير من التجارب الإصلاحية انتهت و اضمحلت بعد أن دب فيها فيروس تقديس الأشخاص على حساب الفكرة المبدأ".

نص التدوينة:

التداول على رئاسة الأحزاب بإفريقيا 
عرفت إفريقيا على مدار العقد الأخير تداولا سلسا على السلطة في العديد من بلدانها، مؤشرة بذلك لميلاد مرحلة جديدة تضع حدا للاستفراد بالسلطة وتحكم الأشخاص بها حتي آخر رمق، إلا أن هذه الظاهرة لم تصاحبها حركية داخلية في زعامات الأحزاب السياسية الحاكمة و المعارضة ، إذ ظلت هذه الأحزاب تعاني من ضعف شديد في التناوب على رئاستها مما افقدها ألق الديمقراطية الداخلية.

غير أن سنة 2017 أسدلت آخر فصولها على صور جديدة و فريدة يُقرأ من خلالها بروز نمط التداول على رئاسة الأحزاب كتوجه مرحلي جديد ، فقد أعطي حزبا العدالة و التنمية المغربي الحاكم و حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم بجنوب إفريقيا و حزب التجمع الوطني و الإصلاح و التنمية “تواصل”، الذي يتزعم المعارضة الموريتانية أعطت هذه الأحزاب الثلاثة نموذجا جديدا في التعاقب على رئاسة الأحزاب بعد أن تنحي قادة هذه الأحزاب الثلاثة عن رئاسة أحزابهم بموجب نصوص هذه الأحزاب التي تُقيد مأمورية الرئيس بفترة قابلة للتجديد مرة واحدة.

الدرس الإسلامي

لئن كان حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الذي أسسه نيلسون مانديلا زعيم محاربة التمييز العنصري بجنوب إفريقيا ورئيسها السابق، قد عرف حالة تناوب السياسي على زعامته لعدة مرات، فإن حزب العدالة و التنمية المغربي و حزب “تواصل” الموريتاني ذوي الخلفية الإسلامية يعتبران أصحاب السبق في الفضاء الشمالي الإفريقي بمبادرتها في ترسيخ ثقافة التناوب على رئاسة الأحزاب كسنة سياسية جديدة تدعم قيم الشورى و المؤسسية و الديمقراطية، و تُعلي من شأن هذه الأحزاب في عيون شعوب المنطقة كأطر سياسية قادرة على التجديد و الاستمرار من خلال خلق ديناميكية التناوب السلس.

إن التناوب على رئاسة حزبين إسلاميين أساسيين في الحياة السياسية بالمغرب و موريتانيا يشكل ردا عمليا على المشككين في قدرة الأحزاب السياسية الإسلامية على التأقلم مع مفردات العمل الديمقراطي و التكيف مع استحقاقاته المؤسسية، و بهذه السنة الحميدة يبرهن الإسلاميون على أنهم متقدمون في ممارسة الديمقراطية و تجسيدها على منافسيهم الأيديولوجيين من ليبراليين و يساريين و قوميين.

رسائل التناوب

تحمل رسائل التناوب أكثر من دلالة و مغري، فالإسلاميون الذين عانوا لفترات طويلة من التضييق و الحصار بحاجة لإشاعة ثقافة الديمقراطية لتعم و تنتشر كسلوك يقطع الطريق على الاستبداد و دعاته. و انطلاقا من هذه الفلسفة يريد الإسلاميون أن يقولوا لشركائهم السياسيين أن من يعجز عن ترك المناصب الحزبية، لن يستطيع تقديم نموذج في التخلي عن السلطة.

أما الداعي الثاني لمقاربة التناوب على رئاسة الأحزاب فيتمثل في حرص الإسلاميين على استمرار مشروعهم السياسي بتغليب روح المؤسسية الحزبية على كاريزما الزعيم، التي تفقد المشاريع ألقها و تتحول معها القناعات من قناعات مبدئية خالصة إلي قناعات بالإفراد. فالكثير من التجارب الإصلاحية انتهت و اضمحلت بعد أن دب فيها فيروس تقديس الأشخاص على حساب الفكرة المبدأ.

التناوب الذي حصل في هرم حزب “تواصل” الموريتاني يرسل رسالة اكثر وضوحا لمعسكر السلطة و بالتحديد لرئيس البلاد، محمد ولد عبد العزيز، الذي يخضع لإختبار التخلي عن السلطة في سنة 2019، إذ يقضي الدستور الحالي بنهاية مأموريته في تلك الفترة و يمنع عليه الترشح لمأمورية ثالثة.