بسم الله الرحمن الرحيم
آثرت طيلة الأشهر الماضية متابعة عمل لجنة متابعة تنفيذ صندوق كورونا بشكل حثيث، وحرصت على تفهم ما يمكن أن يتفهم، وتصويب ما يمكن تصويبه دون إثارة الأمر في الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وكنت أتوقع مع كل اجتماع جديد لهذه اللجنة، أن يكون أفضل من سابقه، وأن يحمل لنا جديدا حول تصحيح الاختلالات، ومعالجة النواقص، غير أن انتظاري على ما يبدو ربما لم يكن في محله.
واليوم، وبعد عدة اجتماعات وتقارير للجنة، رأيت أن من واجبي أن أرفع الصوت بما تزايد وتراكم من الملاحظات، وأن أشاركها في هذا الاجتماع، وأن أقتدي ببعض أعضاء اللجنة في مشاركة ملاحظاتهم ومعلوماتهم للجمهور – وهذا حقهم – في تفاصيل تسيير هذه الصندوق الحيوي، والذي خصص لمواجهة جائحة هزت العالم ككل.
ودخولا في الموضوع، أقول:
- بعد تسعة أشهر من إنشاء هذه اللجنة، فقد نظمت أربع اجتماعات احترمت الآجال المطلوبة في انعقادهاوكذلك تقديم التقارير وهذا أمر جيد ، إلا أنه يمكنني كعضو في هذه اللجنة، أن أسجل ملاحظات بعضها بنيوي يعيق مهمة متابعة التنفيذ، وقد يعود عليها بالنقض، وبعضها تنظمي وإجرائي أفقد اللجنة تنوع الرأي الذي قصده المشرع من تشكيلتها المتنوعة سياسيًا وبعضها يتعلق بمضامين التقارير المقدمة لها.
أولا: الملاحظات البنيوية:
الملاحظة الأولى: تتعلق برئاسة وزير المالية للجنة، حيث تحولت من لجنة يفترض أن تكون لها أدوار رقابية مكملة لعمل الجهاز التنفيذي، إلى لجنة شبه تنفيذية منزوعة الصلاحيات في الرقابة والمتابعة.
وثاني الملاحظات تتمثل في تعزيز هذا التوجه والهيمنة،من خلال تكليف نائب رئيس الحزب الحاكم بمهمة نائب رئيس اللجنة، وهي خطوة حولت دور اللجنة الرقابي والتكميلي المفترض إلى دور دعائي لتبيض وتلميع إجراءات غير متفق على سلامتها من العيوب اتخذتها السلطة التنفيذية.
أما الثالثة، فقد اتضح من خلال تجربتي مع الصندوق، أنه لايختلف عن حساب في الخزينة يدار إدارة لا تختلف كثيرا عن إدارة بند النفقات المشتركة في الميزانية من حيث المزاجية وغياب المعيارية، والنقاط القادمة ستوضح ذلك أكثر.
ثانيا: الملاحظات التفصيلية:
لقد حصر المرسوم المنشئ للجنة في مادته الأولى مهمتها في متابعة التنفيذ، لكن هذه المتابعة منعدمة بسبب غياب آلياتها، حيث تحولت هذه المهمة من عمل ميداني يتأكد فعلا من أن المشاريع نفذت كما أنفق عليها لمجرد لجنةلاستقبال تقارير باردة تفتقد للدقة في الصياغة، معدة من الجهاز التنفيذي.
- لا فرق - حتى الآن - بين اللجنة وعموم المتابعين لموقع الخزينة على الإنترنت، فكل منهما يستقبل تقريرا به أرقام صماء يقرؤه المتابع لموقع الخزينة إلكترونيًا، ويصلنا هنا كأعضاء في اللجنة ورقيا. الفرق فقط قد يكون في تاريخ الوصول فلا اللجنة تغير فيه، ولا يمكنها رفضه رغم ما فيه من هنات وهفوات.
ثالثا: ملاحظات على مضمون التقرير الذي بين أيدينا (31 دجمبر 2020)
وأول ملاحظة عليه، هو غياب الجدية، فأغلب مضامينه مكرر بالحرف، ومن دون إعادة صياغة، فعلى سبيل المثال صرح السيد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني في لقائه مع اللجنة باستلام 5000 جرعة لقاح لم يرد لها ذكر في تفصيل المساهمات العينية الذي نقل حرفيا من تقرير اكتوبر.
هذا إضافة إلى تضارب الأرقام بين نسختيه الفرنسية والعربية ومن أمثلة ذلك:
1. عدد صفقات قطاع الصحة – مثلا - في النسخة العربية 27 صفقة، وفي النسخة الفرنسة 30 صفقة.
2. الصفقات كلها من دون ترقيم، وبلا تواريخ، ولم يحدد طبيعة منحها، هل تمت بالتراضي، أم بالطرق العادية.
3. الأرقام متضاربة في النسختين العربية والفرنسية، الفرق بين مجموع صفقات الصحة في النسخة الفرنسة والنسخة العربية 200 مليون أوقية قديمة.
4. الصفقات التي لم يتم تسليم ثلاثة منها وفقا للنسخة العربية من التقرير، وخمس صفقات في النسخة الفرنسية، ولم يقدم التقرير أي سبب لتأخرها.
5. هناك نحو 700 مليون من نفقات الصندوق، سجلت تحت بند "مصاريف أخرى العدالة، الشؤون الإسلامية .."، ولم ترد عنها أي تفاصيل أو فواتير، والمتتبع لها يرى أن وسائل الإعلام العمومية حصلت على 130 مليون منها، ومن غير المفهوم ولا المبرر أن يستغل الصندوق لتغطية عجز وسائل الإعلام العمومية، وأن يتم ذلك دون أي معايير أو ضوابط، ولعل من الوارد هنا التساؤل تحديدا عن مبرر صرف 10 ملايين أوقية لشركة البث، ما الدور الذي ينتظر منها في هذا الصدد؟ وكذا عن استبعاد وسائل الإعلام الخاصة ما دام المطلوب هو المساهمة في التوعية، وكان الآمر بالصرف من الصندوق يراها ضرورية؟
6. في تقرير شهر أكتوبر، ورد أن 6 صفقات سيتم نقص سعرها نظرا لتغيير أماكن التسليم، وحدد التقرير نسبة ما بين 7 إلى 45%، أما تقرير سبتمبر، فأثبت أن تلك الصفقات لم يتم نقص أي واحدة منها، بل إن واحدة منها زاد سعرها، وهذا يجعلنا أمام خيارين، لا ثالث لهما، إما أن اللجنة عجزت عن مراجعة الصفقات وفقا لما تعهدت به أو أن التقرير غير دقيق،وكلا الأمرين لا يبعث على الطمأنينة في أداء الأمانة التي حملها لنا الشعب الموريتاني في السهر على مصالحه، وتسيير خيراته
وأخيرا أقترحت على اللجنة اليوم :
-وضع خطة رقابة جادة تمكن من تفعيل دور اللجنةو الاطلاع على مساطر التنفيذ ومعاينة المعدات والمستلزمات التي كانت موضع صفقات
- لقاءات بالمشرفين في قطاع الصحة من أطباء وإداريين للوقوف على مدى استجابة النفقات للأهداف .
- اشراك المؤسسات الصحافية الخصوصية في مخصصات التعبئة ووضع معايير واضحة لذلك
-حصر وتحديد الجهات والمؤسسات المستفيدة من الصندوق ووضع ضوابط وشروط للاستفادة منه
-تخصيص خمس مليارات لدعم أسعار المواد الغذائية التي شهدت ارتفاعا كبيرا الأسبوع الماضي.
-تخصيص خمس مليارات لدعم الأسر التي تتولى إعالتها الأرامل والمطلقات.
*النائب عائشة بنت بونا
*عضو لجنة متابعة تنفيذ صندوق كورونا