شكل بيان القمة العربية بالعاصمة الموريتانية نواكشوط حلا وسطا بين الدول العربية المتمسكة بسلام عادل يحفظ للشعب الفلسطينى أرضه وحريته، وبين محور "واقعى" يرى فى المبادرة الفرنسية حلا للأزمة القائمة بالشرق الأوسط منذ عقود.
وقد أظهر البيان الختامى خلافا جليا بين القوى الفاعلة فى القمة العربية، حيث حرصت موريتانيا رئيسة الدورة الحالية إلى التعبير عن موقفها من خلال تشبثها بالقدس كعاصمة موحدة لفلسطين والتأكيد على ضرورة وجود حل شامل للقضية الفلسطينية يعيد للبنان مزارعه المحتلة (مطلب قديم لحزب الله)، وتستعيد به الدولة السورية المنهكة بفعل الصراع الداخلى هضبة الجولان، ويرفع بموجبه الحصار القائم فى قطاع غزة، مع وقف كامل للاستيطان فى الضفة الغربية والقدس.
كما اختار الرئيس الموريتانى محمد ولد عبد العزيز تجاهل المبادرة الفرنسية غير المتفق عليها فلسطينيا، والمدعوم بشكل قوى من الثلاثى الفاعل فى القضية الفلسطينية (رام الله* القاهرة* عمان).
غير أن وجهات النظر داخل الجامعة العربية أفضت فى النهاية إلى موقف أقل رديكالية من الموقف الذى عبر عنه الرئيس الموريتانى، وأنحاز البيان إلى النظرة الفلسطينية الرسمية (القدس الشرقية) مع الترحيب بالمبادرة الفرنسية تحت ضغط القوى الفاعلة فى الصراع، والدعوة للتفاوض بشأن مستقبل عملية السلام.
ولعل المثير فى بيان القمة الأخير هو تجاهل الحصار المصرى لقطاع غزة وعدم الدعوة لرفع الحصار عن الأشقاء، واصرار بعض القادة العرب على الاكتفاء بالشطر الشرقى من القدس تماشيا مع الرؤية الفلسطينية الرسمية، والاستجابة للطلب الفرنسى الذى حملته باريس لاجتماع وزراء الخارجية من أجل دعم مبادرتها الرامية إلى حل جزئي للقضية الفلسطينية بالتشاور مع كبريات العواصم المجاورة لفلسطين.
(نص خطاب الرئيس الموريتاني حول فلسطين)
لقد أدت الأوضاع المضطربة التي تعيشها المنطقة العربية إلى اعتقاد البعض أن القضية الفلسطينية تراجعت في أولويات العرب بفعل الأزمات المتجددة وهو ما شجع الحكومة الاسرائيلية على الزهد في عملية السلام والتمادي في سياسة الاستيطان. إن القضية الفلسطينية هي قضية العرب الأولى وكل أحرار العالم وستظل كذلك حتى يتم ايجاد حل عادل ودائم لها قائم على القرارت الدولية ذات الصلة وعلى مقترحات المبادرة العربية التي تمثل أساسا متينا للوصول إلي الحل المنشود لتنعم المنطقة أخيرا بالسلم والأمن والاستقرار. في هذا الاطار فان استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين بضمانات دولية ملزمة وآجال معلومة وتجميد الاستيطان وايقاف مسلسل العنف ضد الفلسطينيين ورفع الحصار الاسرائيلي الظالم عنهم، وإعادة إعمار ما دمره العدوان، تشكل شروطا ضرورية للتوصل إلى حل نهائي للصراع في منطقة الشرق الأوسط. وستظل المنطقة مصدرا لعدم الاستقرار ما لم يتم ايجاد حل دائم وعادل للقضية الفلسطينية يضمن للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة في تأسيس دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وتنسحب اسرائيل من مرتفعات الجولان السورية المحتلة ومن مزارع شبعا اللبنانية وتنعم جميع دول المنطقة بالعيش في أمن وسلام وتعاون.