شكل التعليم بموريتانيا أكثر الملفات إحراجا للحكومة الموريتانية المنصرمة بفعل التكاليف المالية الباهظة للقطاع والعجز المصاحب له، رغم ترنحه بين أكثر من وزير، وتجريب أكثر من خيار لإنعاشه منذ انقلاب 2008.
وقد حاول البعض القيام بإصلاحات جذرية داخل المؤسسات الكبري، وغرق آخرون داخل الدوائر التربوية التي تولوا تسييرها،بينما غرقت سفينة التعليم في آخر المطاف،رغم احتفاظ الرئيس بأبرز الفاعلين فيه، وترقيتهم إلي مناصب أكثر قيمة من تلك التي كانوا فيها،رغم إقراره شخصيا هو وكافة المحيطين به بفشل المأمورية الأولي في تطوير قطاع التعليم أو تنشيطه علي أقل تقدير.
وقد قررت زهرة شنقيط فتح ملف التعليم بموريتانيا، وماتحقق فيه من انجاز مهما كان شكله، مع رصد مظاهر الخلل البادية وهي كثيرة، واستنطاق الأرقام السنوية التي تعطي صورة عن مستوي الحراك الفعلي داخل القطاع منذ انقلاب 2008 إلي الآن.
وستتناول زهرة شنقيط المؤسسات التالية :
المدرسة العليا للتعليم
مدرسة تكوين المعلمين
جامعة نواكشوط
جامعة العلوم والتكنولوجيا
معهد روصو
معهد المحاسبة
المعهد التربوي بموريتانيا
كما ستخصص حلقة للمسابقات السنوية بموريتانيا وطرق تسييرها، وأعداد الناجحين فيها،مع إلقاء الضوء علي الحركة النقابية الطلابية داخل المؤسسات التربوية، ودورها في تطوير الواقع التربوي بموريتانيا، وأسس التعايش بينها وبين مؤسسات فاسدة .
المدرسة العليا للتعليم .. حصاد مأمورية (الحلقة الأولي)
أنشأت المدرسة العليا للتعليم بموجب المرسوم رقم 261/70 الصادر بتاريخ 25/9/1970 إبان حكم الرئيس الأول المختار ولد داداه من أجل سد حاجيات البلد في الأساتذة المكونين،لتكون بذلك أقدم مؤسسة للتعليم العالي بموريتانيا.
وقد قررت الحكومة تكليف المؤسسة بعدة مهام أبرزها تكوين أطر قطاع التعليم من أساتذة التعليم الثانوي، إلي مفتشي التعليم الأساسي والثانوي إلي مكوني المعلمين في مدارس تكوين المعلمين بموريتانيا، مع تحسين خبرة بعض الموظفين الآخرين.
وقد حاول القائمون علي المدرسة العليا للتعليم مع بداية حكم الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز فض الغبار عن الإطار القانوني الناظم لها،حيث تم تجديد الإطار القانوني المؤسس لها، وتم تحديث نصوصها القانونية،من خلال مرسوم الهيكلة الجديد الذي تم اصدراه من قبل الحكومة سنة 2011.
وقد سعي المرسوم الجديد إلي ضبط هيكلة المؤسسة، وتنظيم نمط العمل فيها،من خلال طرح نصوص قانونية ضابطة لمجالسها العلمية والتربوية،والأقسام والمراكز التابعة لها.
وقد أدي التغيير القانوني الجديد إلي استحداث شعب تنضاف إلي الشعب التقليدية من أجل تطوير وتنويع مظاهر التكوين فيها،وسط حيوية ملموسة لمجلس الإدارة الذي كلف بمتابعة التقارير الدورية الصادرة عن إدارة المؤسسة ومواكبة أنشطتها التعليمية والتكوينية.
أي دور للمدرسة حاليا؟
نص التغيير القانوني الجديد للمدرسة العليا للتعليم علي تغطية التكوين فيها كافة المواد المدرسة علي مستوي التعليم الأساسي والثانوي والفني والمهني، مما أتاح لخرجيها فرصة أكبر لتحسين معارفهم السابقة، والتزود بقدر كبير من المعارف قبل مباشرة العمل في المدارس النظامية والمراكز المهنية.
وبات إلزاميا علي أساتذة الآداب والعلوم الإنسانية أخذ المعارف الضرورية في اللغة العربية والتربية الإسلامية والفرنسية والتاريخ والجغرافيا والتربية المدنية والفلسفة، بينما ألزم أهل العلوم والتقنيات بدراسة الرياضيات والفيزياء والكيمياء والعلوم الطبيعية،والمعلوماتية،الهندسة الميكانيكية،والهندسة الكهربائية،والهندسة المدنية، والهندسة الصناعية،وفتح في المدرسة شعبتين للمفتشين، واحدة بالعربية والثانية بالفرنسية، مع تعزيز القدرة الاستيعابية لها لتصل خلال سنة 2013 إلي أكثر من ألف مابين أستاذ ومفتش تعليم ثانوي.
نحو تكوين أكثر عقلانية
استعادت المدرسة العليا للتعليم كما يقول العاملون فيها دورها في تكوين مكوني مدارس تكوين المعلمين بعد فترة انقطاع، وكانت السنة الدراسية 2012/2013 أكثر سنة كونت فيها لصالح المدارس، حيث بلع عدد خريجيها 48 مكونا لمدارس تكوين المعلمين بنواكشوط ولعيون.
وعمدت وزارة التعليم أو التهذيب لاحقا إلي تكليفها بتكوين عدد من المفتشين والمستشارين التربويين، حيث استقبلت سنة 2010 وحدها 150 مفتشا في التعليم الثانوي والفني أي جميع المفتشين العاملين في الميدان حاليا،و135 مستشارا تربويا وهو عدد المستشارين العاملين بالمعهد التربوي أسوء المؤسسات التعليمية بموريتانيا حاليا.
كما قامت بتكوين 53 مفتشيا مقاطعيا،و200 من أساتذة التعليم الثانوي بموريتانيا.
وقد تولي طاقم المدرسة الإشراف علي التصور والبرنامج والتكوين عليه داخل مباني المدرسة العليا للتعليم، في أوقات حددت بالتشاور مع الوزارة الوصية علي القطاع، والمكونين ذاتهم.
كما قررت المدرسة خلال سنة 2009 تنظيم دورات تكوينية عن بعد لصالح أخصائيين في التعليم الإلكتروني بواسطة مختبرات المعلوماتية وخطوط الإنترنت. وقد سلمت في نهايتها 100 شهادة لأساتذة المدرسة والمستشارين التربويين، والأساتذة المتميزين، ومفتشي التعليم الثانوي.
وتري المدرسة العليا للتعليم أن المجهود المضاعف في التكوين بجهود محلية تم من خلال استغلال الخبرات المحلية في الإدارة، سواء عن طريق الإكتتاب أو الإعارة، مع توفير قاعات ومنصات كافية لعرض البرامج المختلفة، وأجهزة للتطبيق والمراجعة مع متابعة دقيقة للمكونين فيها.
وقد أسهم ابتعاث 100 من أطر المؤسسة وكبار الباحثين فيها إلي فرنسا والمغرب في تعزيز الروح البحثية، واكتساب خبرات جديدة ساهمت في تعزيز الموجود سابقا.
ترميم الموجود أولي من طلب المفقود؟
وقد عمدت الحكومة الموريتانية خلال المأمورية الأولي لرئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز إلي ترميم المدرسة العليا للتعليم،بعد عقود من النسيان، مع استحداث مباني إدارية جديدة، كمكاتب القطاعات، وإدارة الدراسات والرقابة العامة والمصلحة المدرسية، وقاعة كبري للاجتماعات.
وتمت إعادة ترميم حائط المؤسسة، وإعادة تأهيل موقف السيارات، وبوابة المدخل مع إعادة تأهيل بعض الفصول الدراسية، واستصلاح الفضاءات الخضراء داخلها.
وقد حظيت المدرسة العليا بأولوية لدي مشروع التهذيب والتكوين، حيث حصلت في الفترة مابين 2009-2011 علي مجموعة من المعدات المعلوماتية والمكتبية مكنت من تجهيز قاعة للانترنت، وبناية للمعلوماتية، وقاعة للتكوين في تقنيات الاتصال،وقاعة انترنت للمكتب، وقاعة مطالعة للمكتبة، ومدرج،مع مختبر للكيمياء، وقاعة للتعليم المصغر، وقاعة للأعمال،وعدة مكاتب للعاملين فيها.
من أجل شراكة فاعلة..
وقد عمدت المدرسة العليا إلي القيام بشراكة مع بعض المؤسسات التربوية بالداخل والخارج من أجل تفعيل الطاقم التربوي العامل فيها، والبحث عن فرص جديدة للدعم والتكوين، وسط آمال بانعكاس تلك الشراكات علي المدرسة خلال الفترة القادمة أو المأمورية الثانية للرئيس.
وقد عمدت المدرسة إلي تعزيز التعاون مع المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي بباريس،والمعهد العلمي بالرباط، ومركز "موبلي"، ومعهد دكار، والمدرسة العليا للتعليم بالجزائر، وجامعة لومي "بالتوغو"، وجامعة مارادي بالنيجر.
كما حافظت علي العلاقة القائمة مع منظمة الصحة العالمية والوكالة الجامعة لفرانكفونية، ومنظمة الأمم المتحدة للزراعة، والمركز الوطني للدراسات والبحوث البيطرية، والحديقة الوطنية لحوض آرقين،وجامعة نواكشوط.
وقد أثمر التحرك الخارجي إلي إنشاء مركز تقوية القدرات في اللغة الإنكليزية سنة 2013 بالتعاون مع سفارة الولايات المتحدة الأمريكية من أجل تقديم عرض للتكوين قادر علي تحسين المستوي اللغوي لطلاب وأطر المدرسة مع الانفتاح علي القطاعين العام والخاص.