من المسؤول عن فضيحة "ألستون " الأخيرة بموريتانيا؟

شكلت ملامح التقريب المرتقب للمقرر الأممى الخاص فليب ألستون ضربة موجعة لجهود الحكومة الموريتانية وسمعة البلاد الخارجية، بعد استنتاجاته الأولية المتعلقة بحقوق الإنسان وتوزيع السلطة والثروة بموريتانيا، والنظرة التى جزم بها فى ختام جولته بالبلد.

واظهر بيان الحكومة الموريتانية حجم الامتعاض والانزعاج لدى دوائر صنع القرار، لكن ظلت الأمور محكوم بمنطق عسكرى صرف يوبخ من خلال الزعيم جنوده، لكنه لايستغنى – رغم المرارة- عن الفاشلين.

 

لقد حاولت الحكومة تصوير التقرير الجديد على أساس أنه انتصار لطرف سياسى ترفض حتى وجوده بشكل قانونى، واتهمت المقرر بالانحياز للجهة المذكورة وتجاهل المعطيات التى قدمتها له بشأن الأعمال المقام بها منذ فترة لتحسين أوضاع الأرقاء السابقين، وإقرار برامج جدية لمواجهة الفقر ومخلفاته.

 

لقد بدت صورة البلد مهزوزة وموقف الحكومة أعرج وهى تبحث عمن يتعاطف معها فى محنة التقرير المتوقع يوليو 2017، وظهر أن مجمل الذين انتدبتهم للدفاع عنها، لايمتلكون القدرة الكافية للإقناع أو أن العمل الذي يقمون به مجرد مسرحية يتم اقناع الزعيم بها، دون أن يتعدى مفعولها إلى الآخرين.

 

إن التقرير مجرد جرس انذار، يجب أن تتعامل معه الحكومة بقدر كاف من الجدية، كما أن المسؤولين المكلفين ببرامج مكافحة الفقر بحاجة إلى تغيير جدى يضمن توزيع الثروة بشكل عادل، وإقناع الناس بما هو منجز لها.

 

لقد أظهر التقرير ضعف مفوضية الأمن الغذائي وبدائية برامجها الموجهة للفقراء، وهشاشة المفوضية المكلفة بحقوق الإنسان وعجزها عن الإقناع أو كسب صديق مهما كان حجمه لصالح البلد واستقراره، كما لم تقنع جولات مدير وكالة التضامن وبعض مشاريعه العشوائية فى اقناع العالم بأن حربا تخاض ضد الفقر، وأن توزيعا عادلا للثروة يتم بشكل مقبول.

 

أما التمثيل الشرائحى الذى تعتمده الحكومة فقد أثبت أن المتساقطين على الطريق يمكنهم تحسين أوضاعهم الذاتية، لكنهم غير قادرين على ملأ الفراغ أو تأسيس كيان بديل، وأن الاستثمار الموجهة للمنشقين من بقايا الحركات العاملة على الأرض، ولو وجه لأصحاب الرأي والممسكين بزمام المبادرة من أجل اقناعهم باتساع مساحة الأرض وقابلية الحكم للشراكة، لكن أجدى وأقوم قيلا.

 

إن الرئيس مطالب الآن باتخاذ تدابير جدية لمواجهة الموقف المحرج، وتفادى مواقف قادمة فى مجالات أخرى أكثر ازعاجا ، وذلك من خلال :

 

(1) تعديل وزارى يتخلى بموجبه عن بعض الوزراء المحبطين، وانتقاء الناس على أساس الكفاءة لا الصداقة والتزلف.

(2) فتح صفحة من التشاور والحوار مع قادة الأرقاء السابقين، ممن يمتلكون مكانة حقيقة داخل الساحة المحلية، وترك شتات المنشقين، ممن يكثرون وقت الطمع ويقلون عند الفزع، يحسنون شتم الصديق، لكنهم غير قادرين على جلب شخص أو تغيير قناعة أو ترجيح موقف.

(3) اقرار برامج جديدة فى شكلها ونوعها، وتوجيه الموارد المتاحة لها، وذلك عبر انشاء مفوضية خاصة بمعالجة قضايا الاسترقاق والفقر فى موريتانيا، وتوجيه الدعم المخصص لوكالة التضامن وبعض برامج مفوضية الأمن الغذائي لها، وتعيين أحد الفاعلين فى الميدان مفوضا لها، مع حملة اعلامية لإقناع الناس بدل الإجهاز عليهم وتوزيع الشتائم بالجملة على قادتهم البارزين.

(4) الإفراج عن بيرام ولد الداه ولد اعبيدى والترخيص لحركة "إيرا" فالترخيص مسؤولية، والوجود القانونى أول أن تمنحه الدولة لمواطنيها، بدل التعامل مع أمر واقع دون ترخيص، فحركة "إيرا" باتت فاعلة على الأرض وأنصارها فى ازدياد بشكل مستمر.

(5) تلطيف الأجواء السياسية بالحوار، فالجو المتوتر لاتنمو فيه مشاريع التنمية ولاتحصد فيه سوى الأشواك والتقارير المحرجة.