المقدمة التى هاجم فيها ولد شيخنا زميله صالح ولد حننا (*)

أبادر فأهنئ الأخ صالح على هذه القفزة الاستثنائية الجديدة التي ربما أخذته إلى حيث لم يسبقه إليه أحد في سنه ومستوى تجربته وطبعا من مواطنيه، وبالتأكيد فهي المحطة النهائية لسياسة ترفيع إعلامي ممنهج ومستمر منذ مدة طويلة، قد يكون كسب فيها الرجل تلميعا وانتشارا، وإن كان فقد روحه واحترامه.

لقد حرصت دائما من باب احترام المشترك والذات والزملاء والشركاء والناس جميعا، أن أبتعد عن التناول الإعلامي الفج وغير المسئول لتلك الحقبة المجيدة من تاريخ البلد.فماذا سيقول الناس أو يبقى عندهم من تقدير تجاه من طرحوا أنفسهم مثالا للتضحية والطموح لحكم البلد وإصلاحه، وكانوا عند كثيرين قدوة في ذلك، إن رأوهم ينفجرون أنانية وصغارا ويتهارشون على جثة المحاولة الفاشلة للثامن من يونيو2003، أو يلعن بعضهم بعضا؟!
بالنسبة لي، كان الأجدى البحث عن عطاء جديد وإيجابي للمجتمع أو الهدوء (الاعتزال) بعيدا عن اجترار الماضي وإفساده.

بالمقابل، لم يكن يستفزني أو يضايقني كثيرا ما كنت ألحظه في سيل مقابلات الأخ صالح المختلفة (الجزيرة 2006، التلفزة الوطنية 2007، شنقيط 2015، المرابطون 2015، فضلا عن الإعلام الورقي والإلكتروني والتقارير "الموجهة" التي ينشر بشكل دوري)، وما تخللها من تزييف وتجيير وأنانية وظلم.. وإن كان ما يؤلم حقيقة هو الشعور بالشفقة والأسى على انحدار شخص كان يوما ما قمة عندك، وكان شقيقك وصفيك، وكنت تقدم حياته على أعز أبنائك، وقد قال لي هو الآخر مرة  إنه يفضلني علي شقيقه إزيدبيه (السفير سيدي محمد)، وأجزم أنه كان حينها صادقا.. فلعنة الله على السياسة وحظوظ النفس!!

ومراعاة لاعتبارات عديدة، آثرت أن أترك له الجمل بما حمل:الثامن من يونيو وأخواتها،والحزب الذي لم آخذ فيه موقعا بعد أن صبرت حتى يعترف به وتُعيَّن هيئاته، فأخليت له الجو وسلمت له المفاتيح ورأس المال ليتصرف ويتكسب كيف شاء..ووقفت وحيدا مستقلا لأن رجلاي تحملانني بخلاف حاله فلا بد له من متكأ يستند عليه: أنا قبل الثامن يونيو، وغيري بعده!

لكن يبدو أن تَرَدِّيَ الأخ ليس له قاع، وسوء تقديره للترفع عنه  أنه ليس له سقف،"وقد أدرك الناس من كلام النبوة الأولى.. إذا لم تستحي فاصنع ما شئت".لذا فإنه في  الحلقة السابعة من شهادته "الجوبلزية" على العصر المذاعة يوم20مارس2016 قد تجاوز الأنانية المعهودة  ليرتقي مرتقى صعبا، ليوحي بمراوغاته الافترائية الماكرة تصريحا وتلميحا أن محمد ولد شيخنا،-صديق عمره وابن مدينته وشريكه في التضحية والتاريخ- كان عميلا للنظام الذي قارعه حتى سقوطه، وهو مطعون في أمانته!! لعمري إن هذا لهو البلاء العظيم!كيف يمكن له أن يصل لهذا المستوى في حق من كان مثالا للوفاء معه عندما أصبح في الشارع مفصولا من الجيش، فأخذ بيده وأنقذه من الضياع وبقي يبث فيه روح الأمل بغد أفضل، ومرة أخرى عندما أصبح قابعا في السجن يتهدده الإعدام فظل يرفع اسمه، وركب المخاطر بالسفر إلى صحراء مالي ليهدد بقوة السلاح الرئيس معاوية من أن التعرض لحياة الرئيس صالح والأبطال الآخرين ستكون وبالا عليه،وأكثر من ذلك لرفع معنويات هذا القائد"البطل" المنهار الذي أحرجنا عند اعتقاله مرتين..الأولى:بحجم اعترافاته الفضائحية  رغم أنه لم يعذب، والتي بلغت حدّ توريط دول حليفة وزعماء سياسيين وطنيين.والثانية بإصراره على تلك الصفة والترافع"كمنكر"لاشتراكه في محاولة يونيو2003، التي هو اليوم أبوها وأمها! وذلك للنجاة بجلده.. ولم يحل بينه وبين هذا العار إلا الموقف الحازم من أشقائه الذين بعثوا إليه برسالة -على ما بلغني- وموقف لفيف المحامين الذين هددوه بعدم الترافع عنه، وقد أشار المحامي محمدن ولد اشدو في مقابلة تلفزيونية مؤخرا إلى هذه الحادثة رافضا أن يسميه، وبحوزتي رسالة إلكترونية من جمال ولد اليسع يستجدي التدخل لثنيه عن الموضوع.كما أن موقف عبد الرحمن ولد ميني المصرّ على تحمل المسؤولية كان له أيضا تأثير حاسم في رجوع "الزعيم" لرشده، فضلا عن موقف آخر للرائد محمد لمين ولد الواعر أشار إليه ولد اشدو في المقابلة المذكورة.وسأسكت عن حواره في السجن مع عبد الرحمن  بشأن "محامي المعارضة"  والسلاح المصادر.

الأخ صالح - سامحه الله - لم يترك لي بدا من الرد عليه وإلجامه، وهو شيء كان أبعد ما يكون عندي لأن ذلك سيؤذيه ويؤذي عائلته وأهله والذين هم أهلي وعائلتي، كما يؤذيني في نفسي وصورتي في دنياي، وأرجو أن لا يكون كذلك في آخرتي لقول الرسول (صلى الله عليه وسلم):(أدِّ الأمانة لمن ائتمنك، ولا تخن من خانك).لكن ما قاله هذه المرة كان بهتانا عظيما وفي أكبر ملأ.. وقد قال تعالى:"لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم"،وكما  قيل: كان مالك يعتذر عن نفسه.. وقدر الله و ما شاء فعل، وليهلك بعد ذلك من يهلك عن بينة ويحيا من حيي عن بينة.

أقول للأخ صالح:"يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا".. فلو أن غيرك هو من عقر "الناقة" على هذا النحو البائس، والذي حوَّل شهادتكم على العصر إلى رواية ضحلة ومتهافتة وافترائية لشاهد يشهد على غير عصره من جهة، ومن جهة أخرى يسعى جاهدا أن يحمد نفسه بما لم يفعل، ولا يسعه أن يكون له وجود مؤثر إلا إذا خلق الفراغ من حوله.

على كل حال، الكثير مما ورد في الشهادة مردود ومرفوض، وستكشف التفاصيل الواردة في هذه المذكرة للرأي العام الكثير من المعلومات والحقائق التي تظهر الأمور على حقيقتها  بعيدا عن التزييف و "البروبوغندا" التي طالت أكثر من للازم .

---------------

(*) تتكون الوثيقة من 100 صفحة وسننشرها على حلقات كما تابعنا فى السابق شهادة صالح ولد حننا بكل تفاصليها