لهذه الأسباب سينهار مصنع الألبان بالحوض الشرقى (*)

شكل تصرف وزارة التنمية الريفية سابقا، ووزارة البيطرة حاليا مع فكرة بناء مصنع للألبان أبرز مظاهر الفشل الحكومى بمورتيانيا، وأحد الأسباب الرئيسة للفشل الذى حول مشاريع كبيرة إلى أضحوكة يتندر بها الناس.

7 مليارات أوقية تم انفاقها خلال السنوات الثلاثة الأخيرة من أجل بناء مصنع للألبان يعتقد أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز سيدشنه قبل نهاية ابريل 2016 مع مشاريع أخرى للرجل  معلنة وغير معلنة، لكن الأجواء المصاحبة للمشروع والإجراءات الضرورية له ظلت مفقودة، والتفكير فيها ظل غائبا لدى دوائر صنع القرار فى الوزارات المعنية، مما يكشف حجم الخلل وضعف التخطيط والتفكير.

 

يحتاج المصنع إلي 30 ألف لتر يوميا من الألبان فى محيط لم يتعود الناس فيه أصلا على بيع اللبن بحكم الثقافة البدوية وقدر من الأنفة لايزال يطبع سكان تلك القرى والأرياف رغم الفاقة والفقر ومظاهر التهميش، كما أن البعض الآخر يفضل تربية المواشى وأبنائها على بيع اللبن ويرى فى الأمر مظهرا من مظاهر الجوع والدونية، ويأبى النزول له أو التعامل به رغم الثروة التى يمتلك.

 

قبل أسبوعين فقط من افتتاح المصنع فكرت وزارة البيطرة أو تم التفكير لها فى الملف، فقررت اليوم الأثنين 4-4-2016 ارسال فرق داخل الولاية من أجل الاجتماع بالمنمين وحثهم على التوجه لبيع الألبان وتجميع الماشية والعمل من أجل توفير الحد الأدنى الذى يلزم لانطلاقة المشروع وتصويره على الأقل لحظة وجود الرئيس.

 

بصمات الساسة كانت جد واضحة على الاجراءات الفنية المصاحبة، فمراكز التجميع الثلاثة تم تركيزها فى المقاطعة المركزية (النعمة)، حيث تم بناء النقطة الأولى قرب "الشامية" والثانية فى "وركن" والثالثة فى "بانغو". وغابت مناطق واسعة وشاسعة وبها من الماشية مايعوض النقص، لأن صانع القرار ببساطة رهينة لمصالحه الشخصية أو تحالفاته الداخلية أو ضغط العشير الذي ينتمى إليه.

 

لم تتعب الوزارة نفسها – ولا نعتقد أنها ستفعل ذلك- فى بناء مركز للتجميع فى المنطقة الواقعة بين "ولاته – تيشت- اعوينات أزبل" حيث يوجد أكبر قدر من الثروة الحيوانية (الإبل والغنم)، ولم تقتنع الوزارة – ولانعتقد أنها كذلك ستقتنع- ببناء مركز لتجميع الألبان فى المنطقة الواقعة بين "جكنى- تمبدغه-  أمرج" حيث أكبر قدر من الثروة الحيوانية فى الجنوب ، وخصوصا من الأبقار.

 

أما الغلط الآخر فهو ضعف الكهرباء فى المناطق المجاورة (لعيون – لعوينات- تمبدغه- النعمة – أمرج)، وهى مناطق يحتاج فيها التجار إلى انتظام للخدمة وكهرباء غير مقطوعة من أجل المجازفة بشراء الألبان المحلية، والإقتناع بأن لبن البقر القادم من مراكز وقرى الحوض الشرقى أزكى وأقوم من اللبن القادم من مزارع ألمانيا أو الدنمراك، لكن المجازفة بشرائه دون القدرة على حفظه وتأمينه أمر غير وارد، وخسارة كمية واحدة منه تعنى عزوف السكان عنه إلى الأبد وخسارة المصنع والتمويل الذى وجه إليه.

 

ولعل ثالث الأخطاء الكبيرة هو عزوف الحكومة إلى الآن عن اكتتاب وتدريب الموظفين المحتملين فى المصنع، فمنشأة يراد لها الانطلاقة فى نهاية ابريل 2016 ولم يعرف غير مديرها ورئيس مجلس إدارتها والوزير المشرف عليها والتاجر المستفيد منها، هي مؤسسة يراد لها الفشل ومشروع لايراد منه نفع المنطقة أو ساكنيها.

 

قد يتم استجلاب عمالة فى الوقت بدل الضائع بأسعار كبيرة من العاصمة نواكشوط لخداع الرئيس وسلب فرص العمل الوحيدة المتاحة للسكان، لكن العقل المستوعب لمطالب التنمية مغيب والحاجة إليه لازمة، قبل التفكير فى اللافتات المطالبة بترشيح الرئيس أو التبجح أمام وسائل الإعلام بالمصنع وتمويله وطاقته الإستعابية.

 

(*) زهرة شنقيط/ نواكشوط : 4-4-2016