قادة الأركان بموريتانيا .. مسار البداية والنهاية (1)

تولي قيادة الجيش الموريتاني منذ تأسيسه إلي اليوم ثمانية عشر من الضباط البارزين، وسط اختلاف كبير في ظروف التعيين، ومسار النهاية للقائد تبعا للظروف السياسية التي مرت بها موريتانيا.

 

وقد أتيح لبعض القادة الوصول إلي سدة الحكم عبر انقلابات عسكرية،بينما فارق البعض الحياة متأثرا بجراحه في المكتب الذي يعمل فيه كما هو حال قائد الأركان الخلوق العقيد محمد الأمين ولد أنجيان عليه رحمة الله.

 

وقد تدفع الظروف الأمنية والسياسية بعض القادة إلي ترك العمل في الأركان العامة للجيوش، والخدمة ضمن المهام المدنية كمدير أو وزير، بينما يعمل آخرون من أجل التمسك بالمنصب إلي غاية التقاعد رسميا من الجيش،والتوجه للحياة التجارية والتنموية بعيدا عن هموم البلد ومشاكله.

 

زهرة شنقيط تقرر اليوم فتح ملف قادة الأركان بموريتانيا، مستذكرة مصير البعض، وآليات التعيين التي دفعت ببعضهم إلي واجهة الفعل العسكري والسياسي بل والرئاسي في بعض الأحيان، والنهاية الحزينة للبعض سياسيا وعسكريا.

 

البداية..

 

كان أول قائد للأركان بموريتانيا هو العقيد أمبارك ولد بونه مختار الذي تم تعيين من قبل الرئيس المختار ولد داداه في الرابع والعشرين من نوفمبر 1964 ، وقد ظل في منصبه إلي غاية يوليو 1965 حينما قرر المختار ولد داداه تعيين قائد أركان آخر ضمن سياقات أمنية معقدة كانت تمر بها البلاد عشية التغيير.

 

وبعد فترة من إحالته للعمل المدني كسفير عاد المختار ولد داداه ليستدعيه للعمل بالأركان الوطنية ثانية في فبراير 1967 وهو المنصب الذي أمضي فيه أقل من سنة،قبل أن يعين خليفة له.

 

وقد شغل العقيد أمبارك ولد بونه مختار القيادة العامة للجيش أكثر من مرة، وخصوصا في الفترة مابين فبراير 1967 إلي غاية 24 يوليو 1968، ثم عاد إليها ثالثة في الفترة مابين يوليو 1977 إلي غاية فبراير 1978، قبل أن يترك مكانه للقائد الذي تبادل معه الأركان أكثر من مرة العقيد المصطفي ولد محمد السالك.

 

وقد اعتبرت فترة المقدم محمد محمود ولد الحسين الأكثر استقرارا نسبيا بموريتانيا،حيث تسلم القيادة العامة للجيش سنة 1970، وظل قائدا للأركان العامة للجيوش إلي غاية 1976 ،حيث تمت تنحيته أثناء حرب الصحراء، وتعيين خلف جديد له هو العقيد أحمد ولد بوسيف عليه رحمة الله.

 

في الرابع والعشرين من يونيو 1976 كان المقدم أحمد ولد بوسيف قد تمت تسميته قائدا للأركان الوطنية، وهو المنصب الذي تم فيه إلي غاية 11 يوليو 1977، حيث عمد المختار ولد داداه إلي استدعاء قائد الأركان السابق العقيد المصطفي ولد محمد السالك الذي كلف بإدارة آخر فصول المعركة العسكرية والسياسي مع الصحراويين،قبل أن يتولي مهمة قيادة أول انقلاب عسكري بموريتانيا ضد الرئيس المختار ولد داداه ذاته.

 

وقد تمت ترقية المقدم أحمد ولد بوسيف إلي منصب رئيس الوزراء بعد سيطرة العسكريين علي الحكم، قبل الإعلان عن وفاته في حادث جوي أليم،لاتزال الكثير من تفاصيله مجهولة لدي الرأي العام بموريتانيا.

بعد حصول أول انقلاب عسكري بموريتانيا، تولي المقدم محمد خونه ولد هيداله قيادة الأركان في السابع والعشرين من يوليو 1978 خلفا لرئيس الجبهة العسكرية للخلاص الوطني الذي بات رئيسا للدولة.

 

وهو المنصب الذي ظل فيه إلي غاية  مايو 1979،عندما أحيل إلي وظائف مدنية أبرزها منصب وزير الدفاع، فرئيسا للحكومة،قبل أن يتولي الرئاسة بعد ذلك ضمن عملية عسكرية داخلية لإزاحة الرئيس دون استخدام للقوة.

 

وفي مايو 1979 تم تعيين قائد أركان جديد هو العقيد أحمدو ولد عبد الله الذي كان يشغل منصب قائد الأركان المساعد المكلف باللوجستيك،وقبلها قيادة عدة وحدات عسكرية مع تولي إدارة المدرسة الوطنية للأسلحة بأطار.

 

وبعد أقل من سنة في المنصب قرر الرئيس الجديد محمد خونه ولد هيداله نقله من قيادة الأركان إلي وظائف مدنية أكثر أهمية لمسار النظام الجديد أبرزها منصب وزير الداخلية،ثم ووزير التجهيز، قبل أن يتم تعيينه سفيرا لموريتانيا في بعض الدول الصديقة حاليا.

 

وفور مغادرة العقيد أحمد ولد عبد الله تم تكليف العقيد معاوية ولد الطايع بقيادة الأركان في ابريل 1980 وهو المنصب الذي ظل فيه إلي غاية إبعاده في مارس 1981 اثر خلافات داخل اللجنة العسكرية،قبل أن يعود إليه ثانية اثر ترميم العلاقة بينه وبين المقدم محمد خونه ولد هيداله مارس 1984، قبل أن يقرر الإطاحة به انقلاب عسكري بعد تسعة أشهر من توليه منصب قائد الأركان العامة بدعم فرنسي مغربي.

 

وقد جمع ولد الطايع عدة مناصب أبرزها الأركان ووزارة الدفاع، كما تم تعيينه وزيرا أول في الفترة الأولي،قبل أن يصبح رئيسا للبلاد لأطول فترة منذ استقلالها محطما رقم المختار ولد داداه الذي حكمها لعشرين سنة.

 

ومع وصول الرئيس المخلوع معاوية ولد الطايع إلي الحكم،عاد العقيد أحمدو ولد عبد الله إلي الأركان الوطنية ثانية بعد ثلاثة أيام من الانقلاب العسكري، وهو المنصب الذي ظل فيه إلي غاية إبعاده نهائيا من الحياة العسكرية في الثامن من مايو 1985 ضمن عملية تأمين داخلية للحكم قام بها الرئيس الجديد للبلاد.

 

وتم بعد إزاحته استدعاء قائد الأركان السابق العقيد يال عبد الله الحسن  الذي اعلن تكليفه بالقيادة في الثاني عشر من مايو 1985 ، وهو المنصب الذي ظل فيه لخمسة أشهر، قبل أن يزاح منه يوم الثامن والعشرين من نوفمبر 1985 بعد تعيينه وزيرا للداخلية والبريد والمواصلات بموريتانيا.

 

وقد اسندت له بعد ذلك عدة مهام عسكرية أبرزها قيادة أركان الحرس وقيادة أركان الدرك الوطني، كما تم تعيينه في فترة سابقة قائدا مساعدا للأركان الوطنية إبان انقلاب 1984 بقيادة معاوية ولد الطايع.

 

وقد قام العقيد معاوية ولد سيد أحمد ولد الطايع بتعيين قائد أركان جديد هو المقدم جالو محمدو في سبتمبر 1986، وظل في المنصب إلي غاية تحويله إلي سلك الحرس في الثالث والعشرين من نوفمبر 1986.

 

وقد تولي قائد الأركان الجديد عدة مهام أبرزها قيادة أركان الحرس، ومنصب الأمين الدائم للجنة العسكرية للخلاص الوطني، ومنصب قائد الأركان المساعد، قبل أن يتم نقله إلي قطاع الداخلية واليا لولاية لعصابة.

 

يتواصل ...