نشر الباحث الموريتانى سيد أعمر ولد شيخنا دراسة مطولة فى مركز الجزيرة للدراسات عن الدساتير الإفريقية وآليات التعديل، خصصا بعضها للحالة الموريتانية فى أفق 2019.
واستعرض ولد شيخنا فى دراسته مظاهر الأزمة السياسية المستمرة منذ تولي الرئيس ولد عبد العزيز للسلطة، وما يثار اليوم في موريتانيا من جدل سياسي وإعلامي حول نية الرئيس تمرير تعديل دستوري يسمح له بالبقاء في السلطة، وهو الموقف الذي تتصدى له قوى المعارضة بشكل حاسم ويقابل بتحفظ في المؤسسة العسكرية.
ويري ولد شيخنا بأن السيناريوهات التي يمكن أن يلجأ إليها الرئيس محمد ولد عبد العزيز في هذا الشأن تتمثل في واحد من الخيارات التالية:
التحول إلى النظام البرلماني بدل النظام الرئاسي السائد في موريتانيا منذ العام 1961م، مما يسمح لولد عبد العزيز بأن يصبح رئيس وزراء بصلاحيات كبيرة، وبذلك يتجاوز العوائق الدستورية المتعلقة بالمأموريات الرئاسية.
الحذر من مغامرة التعديل الدستوري واللجوء بدلا عنها إلى سيناريو (بوتين –مدفيدف) أي اختيار شخصية ضعيفة موالية تتولى بشكل مؤقت منصب رئيس الجمهورية في الظاهر على أن يظل الرئيس ولد عبد العزيز يمسك بجميع خيوط اللعبة من وراء ستار.
إجراء تعديل دستوري، بشكل فج وستكون المراهنة في هذه الحالة، على جملة من الأمور من بينها: ولاء المؤسسة العسكرية وبالأخص الحرس الرئاسي الذي يحظى بتسليح نوعي، القيام بتعبئة داخلية كبيرة لأنصاره عبر مسيرات ومظاهرات مؤيدة للتعديل الدستوري يتم خلالها الزج بالفقراء والأميين في معركة لا يفقهون عنها شيئا، وكان الرئيس ولد عبد العزيز قد مهد لهذا السيناريو بزيارات للداخل تم خلالها طرح موضوع التعديل الدستوري في أكثر من محطة عبر بعض وكلاء الاستخبارات، أما على المستوى الخارجي ولخلق مظلة دولية لمغامرة التعديلات، فسيلجأ النظام إلى الانتقال إلى المحور الأمريكي و تهميش العلاقات مع فرنسا والتي يسودها في الوقت الحالي فتور كبير، ومن المرجح أن يكون للاكتشافات النفطية والغازية التي تباشرها شركات أمريكية في السواحل الأطلسية الموريتانية دور بارز في تعزيز هذا التوجه.
نجاح الحوار الحالي بين السلطة وقوى المعارضة في التوصل لتفاهمات حول تعديل الدستور مقابل جملة من الإجراءات والضمانات، وربما المشاركة أو التحالف، رغم أن هذا السيناريو يبقى بعيد المنال بفعل فقدان الثقة وتعزز مواقف المعارضة، من التعديل الدستوري بالموقف الفرنسي الحازم وكذلك المناخ الاقليمي والدولي المشجع بعد الانتفاضة البوركينابية.