تنجه .. تثير قلق التجار وتربك الأجهزة الأمنية والقضاء (خاص)

فشلت الأجهزة الأمنية والقضائية بنواكشوط الغربية فى وضع حد لعمليات "تنجه" أبرز متهمة بالاختلاس داخل السوق المركزي بالعاصمة نواكشوط (كبتال)، بفعل تنوع عملياتها، وطرافة بعضها، والحماية التى تتمتع بها من زوجها وشقيقها العاملين بأحد الأسلاك العسكرية.

 

وتقوم "تنجه" – كما تقول مصادر زهرة شنقيط- باعتماد طرق جد مبتكرة من أجل النصب على ضحاياها داخل السوق، والزج بأبرياء فى لعبتها القذرة، ومع كل إحالة للنيابة العامة تتمكن من الإفلات من قبضة العدالة بفعل الوساطة التى باتت أبرز معطل للأحكام القضائية، ومعرقل لإجراءات التقاضى بالعاصمة نواكشوط خلال الفترة الأخيرة.

 

اختلاس من نوع خاص

 

قبل أيام مثلت "تنجه" أمام وكيل الجمهورية بنواكشوط الغربية بعد شكوى جماعية تقدم بها ضحايا تعرضوا للنصب فى السوق الكبير (مرصت كبتال)، وتم الزج بمتسولة فى الملف المثير، بعد أن أقنعتها الضحية بقرب انفراج واقعها الصعب من خلال مكرمة جاهزة.

 

غادرت "تنجه" منزلها فى الصباح باتجاه السوق المركزي، ولديها هاجس واحد هو كيفة الحصول مبالغ مالية وبعض الثياب الفاخرة للعرس الذي تقرر فى أحد أحياء الترحيل بمقاطعة الرياض فى نواكشوط الجنوبية، وعند مدخل "آفركوا" تعرفت على متسولة من أهل "الترحيل"، تبادلا التحية بسرعة، وسألتها أين تتجهين؟

 

قالت المتسولة إن لديها "ملحفة" هدية من احدى التاجرات بالسوق المركزي، وإنها تنتظر من يشتريها، قبل العودة للترحيل من أجل اطعام عيالها.

 

اقنعتها "تنجة" بأنها ستمنحها بعض النقود مقابل "الملحفة" ، وأنها ستصحبها إلى الترحيل فور شراء بعض الثبات لبناتها، وطلبتها أن ترافقها إلي السوق المركزي، حيث ستختار آخر ضحاياها بشكل متقن.

 

فى الطابق الأول دخلت "تنجه" متجر يعود لسيدة من سكان مقاطعة "توجنين"، بعد استعراض آخر الموضة، سألت "تنجه" (والدتها المفترضة) عن نظرتها للثياب، فبادرت "الوالدة" (المتسولة) إلى مباركة الاختيار، واصفة القطع الخمسة التى اشترت "تنجه" بأنها تلائم فعلا ذوق بنات العصر.....

 

طلبت "تنجه" من صاحبة المتجر أن تسمح لها بعرض الثياب على ابنتها فى أحد المتاجر المجاورة، مع ترك والدتها إلى جانبها فى انتظار العودة.

 

وافقت التاجرة على الأمر، وكانت عينها طيلة الوقت على "والدة" تنجه الافتراضية، ولما طال انتظارها، طلبت منها أن ترافقها إلى المتجر الذى أدعت ابنتها أنها ذهبت إليه.

 

انهارت المتسولة قائلة إنها لاتعرف أي متجر ، وإن علاقتها ب"تنجه" معدومة، ولكنها وعدتها بشراء "ملحفة" كانت لديها، وبتقديم مساعدة لها، وإيصالها للترحيل.

 

لم تستسغ التاجرة الخبر، فبادرت بالاتصال بالشرطة، وعند نقل "المتسولة" إلى مخافر الشرطة بمقاطعة تفرغ زينه، تبين أنها مجرد ضحية من ضحايا "تنجه"، فالأخيرة معروفة لدى الدوائر الأمنية والقضائية بعمليات مشابهة.

 

وقد تم اعتقال "تنجه" وإحالتها لسجن النساء، لكنها سارعت إلى عقد صلح أمام أحد القضاة من أجل الإفراج عنها مقابل تعهد زوجها وهو ضابط بجهاز الحرس، بدفع مبالغ شهرية للضحية، ومعها أخرى ظهرت فى نفس التوقيت بعد أن تمكنت "تنجه" من التغرير بها، وسلبها بضاعة تقدر ب 150 ألف أوقية خلال عملية مشابهة.

 

وللمرضى من عملياتها نصيب...!

 

تظهر محاضر التحقيق مع "تنجه" أنها تمكنت قبل أسابيع من تنفيذ عملية مشابهة، حينما زارت مركز "الأنكلوجيا" بقلب العاصمة نواكشوط، واصطحبت احدى الضحايا إلي السوق المركزي (كبتال) بحجة وجود متبرعة ببعض الأموال لصالح المصابين بمرض السرطان.

 

أعادت "تنجه" نفس السيناريو ، وأجلست المرأة المريضة عند أحد المتاجر، واختلست ثمن 100 ألف أوقية من الثياب، وغادرت المنطقة، تاركة المريضة عند صاحبة المتجر، على أساس أنها والدتها، وأن مشوارها لن يتعدى طرح الثياب عند "الخياط" فى الطابق الأرضي من السوق، واخذ بقية متاعها، بعد أن اتفقت مع التاجرة على الثمن.

 

وعند منتصف النهار، قالت المريضة لأهل المتجر، بأن دورها فى الطابور اقترب، وأنها ستغادر المتجر، إذا كانت المساعدة التى وعودها بها غير جاهزة.

 

هرعت التاجرة إلى الشرطة، ومعها المريضة التى باتت محتجزة لدى الجهاز الأمنى، بعد أن كانت تتوق لمساعدة مالية وهي المريضة منذ سنتين بمرض سرطان الثدي، وتتابع منذ فترة مع أحد الأطباء بمركز الأنكلوجيا بنواكشوط.

يشكو ضحايا "تنجه" وهم بالعشرات من ضعف القبضة الأمنية والقضائية، حيث تنتقى السيدة ضحاياها باستمرار، وتتفنن فى حجز المسنات والمرضى والأطفال كرهائن لدى أصحاب المتاجر والسيارات، بينما تتمتع هي وبعض المقربين منها بما سلبته من ضحاياها وهم بالعشرات.

 

------------------------

ملاحظة : آخر ضحية من ضحايا "تنجه" تمكنت من ابرام اتفاق معها عند القاضى (...) من أجل دفع 150 ألف أوقية على شكل دفعات، بعد أن اقرت باختلاس بعض ممتلكاتها، مقابل حجز متسولة كرهينة لديها. وقد تم النص على دفع مبلغ 50 ألف أوقية يوم 11 يناير 2016، على أن تدفع 90 الف أوقية على شكل دفعات فبراير مارس ابريل 2016.