الكرة في مرمانا نخبة ومواطنين / المهندس سيدي عالي سيد الأمين (*)

سبت, 10/25/2025 - 9:02م

بالموقف الصادق المجسّد في قرارات وإجراءات، وبالأفعال الحاسمة الشجاعة لا بالشعارات البراقة، نستطيع التفريق بسهولة بين الدعاية والحقائق.

 

ومن هذا المنطلق، يمكننا القول الآن: إن إعلان الحرب على الفساد الذي أطلقه فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني في خطاب تنصيبه، لم يكن مجرد شعار للاستهلاك، بل كان وعد حر من طبعه الوفاء بالعهود.

 

فلم يكد فخامته يتسلم تقرير محكمة الحسابات، حتى ألزم حكومته بأن تبني على الشيء مقتضاه، مُتْبعًا تلك الخطوة بخطوة أخرى، من خلال إعلان موقفه المدوي الذي لا دخن فيه من هذا الموضوع، وذلك بمناسبة إشرافه على حفل تخرج طلاب المدرسة الوطنية للإدارة.  

 

ولم تتأخر حكومته في التنفيذ، بل طبقت توصيات المحكمة فورا، وعزلت المشتبه بهم في اجتماع مجلس الوزراء الموالي، وأحالت كل المعنيين إلى القضاء صاحب الكلمة الفصل.

 

نخطئ كثيرا إذا لم ندرك أبعاد وتداعيات هذه القرارات الصارمة والإجراءات الحازمة، فالأمر هنا لا يتعلق بتدابير إدارية وقانونية فحسب، وإنما يعني – ضمن ما يعني – انسجاما مع ما عرفناه عن فخامة الرئيس من حرص على إضفاء الطابع الأخلاقي على الفعل السياسي. فعن أي قيم إسلامية وأخلاق ومثل عليا يمكن أن نتحدث، إذا لم نعزز ونرعَ قيم النزاهة والاستقامة والأمانة؟

 

يعني انسجاما – من ناحية أخرى – مع قرارات تحصن الوحدة الوطنية والوئام الاجتماعي وتعزز الأمن والاستقرار وتجسد الوعي العميق بما يفرضه المحيط الإقليمي والدولي من تحديات أمنية وجيوسياسية وبما راكمناه، على مر العقود، من اختلالات بنيوية عميقة؛ ومن أمثلة هذه القرارات: خيار المدرسة الجمهورية، إنشاء تآزر...

 

يعني ترسيخا للعدالة والمساواة، وتجسيدا لمبدأ "لا أحد فوق القانون"، وتعزيزا لثقافة الشفافية والمساءلة، واستعادة لثقة المواطن في نخبته السياسية وفي مؤسسات وطنه.

 

يعني أيضا، بالنسبة لنا، وفاءً بوعد السماح باستقلالية المؤسسات، وتفعيل أدوارها، ورعاية أجهزة الرقابة، وفي مقدمتها محكمة الحسابات، أعلى هيئة مستقلة مكلفة برقابة الأموال العمومية.

 

يعني كذلك، العزم على البناء على الأسس القوية التي وضعت لكسب معركة مكافحة الفساد: مراجعة الترسانة القانونية في هذا المجال، إنشاء السلطة الوطنية لمكافحة الفساد...

 

يعني علاوة على ذلك كله، تصميما على إزاحة أكبر عائق أمام التنمية وولوج المواطن للخدمات، فلا تنمية مع غول الفساد الذي طالما التهم جل الأموال التي خصصت لهذا الغرض، وما زلنا نفتقر لأبسط الخدمات، رغم ما أنفقنا من موارد ذاتية حينا ومقترضة أو موهوبة أحيانا أخرى.

 

مسؤوليتنا هنا – نخبة ومواطنين – هي دعم فخامة الرئيس في هذه الحرب المقدسة، ملبين دعوته في خطاب التنصيب أعلاه، حيث يقول: *إن الحرب على الفساد والرشوة وسوء التسيير حرب الجميع: حرب المنظومات الإدارية والقضائية، حرب أجهزة الرقابة والتفتيش، حرب النخبة من علماء وأئمة وساسة ومثقفين وقادة رأي ومجتمع مدني وصحافة ومؤثرين اجتماعيين، ولا سبيل للنصر فيها إلا بتضافر جهود الجميع".*

 

النائب السابق لمقاطعة العيون