ولد محمد لغظف أبرز الغائبين عن جلسات الحوار (كواليس حصرية)

شكل ظهور الوزير الأمين العام لرئاسة الجمهورية مولاي ولد محمد لغظف داخل قصر المؤتمرات اليوم الأثنين 7-9-2015 مع منعه من الكلام أمام الجمهور أبرز رسالة يمكن التقاطها من التحول الجارى داخل المستوى التنفيذي الممسك بزمام الأمور داخل البلد.

 

الرجل الذي وجه الدعوة للحوار قبل أسابيع، وحدد السابع من سبتمبر موعدا له، سحبت منه كافة الصلاحيات خلال الفترة الأخيرة، وتم توزيعها بين حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، والوزارة الأولى التي باشرت حفل الافتتاح، وتوجيه الدعوة للسلك الدبلوماسي، واقتناص بعض المعارضين خلال الأيام الأخيرة.

 

بدت الأمور منذ الوهلة الأولي صريحة، بعد أن تولي الوزير الأول يحي ولد حدمين افتتاح اللقاء التشاوري الموسع، رغم أن الرئاسة – شكليا- هي صاحبة الدعوة والمبادرة، مما كان يعطى الأحقية للوزير الأمين العام للرئاسة مولاي ولد محمد لغظف بافتتاح الحفل اذا تقرر غياب الرئيس.

 

بيد أن الأمور تمت ترتيبها بدقة كما تقول مصادر زهرة شنقيط، فمن أصل خمس كلمات سمح بها داخل الحفل المتواضع، لم يمنح الوزير الأمين العام للرئاسة مولاي ولد محمد لغظف فرصة للترحيب ولو بشطر كلمة  بمن وجه لهم الدعوة، وحدد لهم تاريخ الحفل وأبرز النقاط المثارة فيه.

 

كانت الكلمات الافتتاحية ترضية لعدد من المعارضين المقربين من السلطة، فقد منح رئيس حزب الوئام بيجل ولد حميد شرف الكلمة الافتتاحية ليطلب التأجيل، ومنح رئيس حزب تمام يوسف ولد حرمه الكلمة الثانية ليعلن للرأي العام أن حزبه لايزال ضمن فضاء المعارضة السياسية رغم مشاركته فى الحوار الجاري، وظهر انحياز السلطة التنفيذية لجناح محمد ولد بربص داخل حزب المستقبل أكثر من واضح، فقد تم تقديمه كرئيس للحزب، ومنح فرصة الدعوة لإطلاق سراح بيرام ولد الداه ولد اعبدي ورفاقه من أجل المشاركة في الحوار.

 

ودفع بنقيب المحامين وبأحد النقابيين العاملين في قطاع الصحة، لتعويض النقص الكبير داخل الحفل، بعد أن قررت اغلبت المركزيات النقابية المعترف بها في موريتانيا مقاطعة الحوار، تماشيا مع موقف المعارضة الموريتانية.

 

وظهر القيادي بحزب التكتل بلال ولد وزرق في الواجهة رغم تلويح الحزب بفصله، ليعلن عن تأسيس تيار معارض جديد – دون اسم أو أعضاء – معلنا انخراطه في الحوار بلغة شابها الكثير من الأخطاء.

 

واستعاد حزب الاتحاد من أجل الجمهورية قيادة أحزاب الأغلبية – دون اعلان مسبق- ودخل زعيمه سيدي محمد ولد محم على خط التجاذب القائم داخل المستوي التنفيذي، معطيا رسالة بالغة الدلالة لرفيقه الوزير الـأول يحي ولد حدمين، حينما خاطبه بشكل مباشر "شكرا لكم علي الدعوة"، ناسيا أو متناسيا أن الرسالة وقعها الوزير الأمين العام للرئاسة مولاي ولد محمد لغظف، أو ربما مستحضرا تضامن الحكومة فأختار أن يخاطبها من عنوانها المحدد من قبل رئيس الجمهورية صاحب السلطة المطلقة في تحديد الأول والثاني داخل التشكلة الوزارية.

 

ولعل الطريف في الحفل هو اصرار القائمين عليه علي تقديم منشق عن حزب اتحاد قوى التقدم بصفته عمدة سابق من الحزب عن دائرة بوقي، فأقر كل الصفات، إلا تمثيله للحزب في المشاورات الجارية.

 

ويري البعض أن كلمات الوزير الأول يحي ولد حدمين ورئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم سيدي محمد ولد محم كانت كاشفة لضعف التحضير الذي قامت به الأمانة العامة للرئاسة للسابع من سبتمبر 2015، لذا استعمل الرجلان كلمات سياسية مرنة مع المخالفين، مركزة علي ماتحقق من انجاز، مستوعبة لصعوبة اللحظة القائمة، مع ترك الأمور مفتوحة علي مصراعيها دون تحديد آجال زمنية لحسم التشاور الموسع، أو اتهام الأطراف الأخرى بتعطيل الحوار أو النكوص عنه. لقد بدت الصورة أقرب إلى تدخل لإنقاذ الموقف بعد أن شارفت الدعوة علي الفشل، وخروج بالرئاسة من لجج مظلمة دخلتها عبر دعوة غير حكيمة لحوار سياسي محدد الآجال دون تحضير  مقنع أو تأثير مباشر علي الأطراف السياسية المعارضة.

 

بل إن سيدي محمد ولد محم أكد في ختام كلمته أنه لم يأت لتحميل أي طرف مسؤولية التملص من الحوار، وإن حزبه – مع ارتياحه للوضع القائم- منفتح وسيظل كذلك علي مجمل دعوات الحوار، ويتطلع إلى اجماع يناقش فيه كل الموريتانيين  أبرز التحديات التي تواجه البلد.