بعد أشهر من تحييده : هل قرر الرئيس إعادة الثقة فى رجل ألاك القوي؟ / تقدير موقف

شكل الإستقبال الذى خص به رئيس الجمهورية وزير الثقافة السابق محمد ولد أسويدات نهاية الأسبوع المنصرم فرصة للرجل من أجل الدفاع عن نفسه أمام صاحب القرار، وتوضيح الإشكالات التى صاحبت الإنتخابات الأخيرة، مما دفع بالوزير الأول محمد ولد بلال، مدعوما ببعض رموز السلطة إلى تحييد إطار بحجم وزير الثقافة، وإخراجه من التشكلة الوزارية دون سابق إنذار.


 

الوزير محمد ولد أسويدات الذى رفض مساعى الإذلال والضغط العلنى من قبل الوزير الأول محمد ولد بلال خلال زيارته لمدينة آلاك، تمكن محيطه السياسى من الإطاحة بالحزب الحاكم بأقل التكاليف، وحسم معركة البلدية بآلاك التي أدارها ذات يوم بعد صرار مرير مع الممسكين بها منذ عقود، مع تأكيد دعمه لخيارات الحزب الأخرى فى الجهة والنواب، والتحرك ضمن أفواج الجماهير فى أكثر من استعراض داخلى للتأكيد على دوره ومكانته فى  السياسية بولاية لبراكنه ، رغم مساعى خصومه لتقليم أظافره وتحييده.

 

ولد أسويدات ليس ابن مشيخة تقليدية فى مجتمع يمتاز بكثر المرجعيات وتعدد مشاربها، ولم يولد فى أكناف بيت وزير أو مدير، لكنه ابن مكافح من أجل العيش بضواحي آلاك، أستطاع مواصلة مشواره التعليمى، ليحصل على شهادة المتريز في الإدارة العمومية من المدرسة الوطنية للإدارة بجامعة كبك بكندا، وشهادة الدراسات العليا المتخصصة في الإدارة العمومية بالمدرسة الوطنية للإدارة من ذات الجامعة لاحقا.

 

 بدأ مساره المهني عام 2004 رئيسا لقسم العمليات المالية بالشركة الوطنية للماء SNDE، ثم رئيسا لمصلحة اللوازم بإدارة المصالح الإدارية بالشركة ما بين 2008 و2010. ثم مستشارا مكلفا بخلية الصفقات برتبة مدير ما بين 2010 و2011. فمديرا للتموين واللوازم ما بين 2011 و2014. ثم مستشارا مكلفا بالتعاون في الشركة ما بين 2014 و2016. عُين في أكتوبر2017 مكلفا بمهمة في وزارة المياه، وفي دجمبر 2017 عُين أمينا عاما لوزارة الداخلية واللامركزية حتى يونيو 2021، وما بين يونيو 2021 ومارس 2022 شغل منصب الأمين العام لوزارة الثقافة. ليدخل الحكومة لأول مرة وزيرا للتنمية الحيوانية في مارس 2022 حتى سبتمبر 2022، ثم وزيرا للثقافة ما بين سبتمبر 2022 ويوليو 2023.

 

 

يشكل محمد ولد أسويدات إضافة نوعية للبلد الذى ينتمي إليه بحكم التوازنات المطلوبة والبحث عنها دون إخلال بمنطق الكفاءة والتميز والحضور، وهو مايجعل من تحييده لخلاف مع الوزير الأول ، أو تقديم لمصلحة طرف آخر بالمعادلة المحلية، محاولة غير أخلاقية لقتل كفاءة بحجمه، وتناقضا فج مع خطاب الرئيس بوادان، وتوجيهه للحكومة والمجتمع فى جيول، وخسارة لأحد أبرز أطر الحزب الحاكم، فى وقت تعاملت فيه الحكومة مع الأصوات المناوئة لها من داخل الحزب بقدر كبير من المرونة، وأعلن فيه رئيس الحزب الحاكم ذاته ماء العينين ولد أييه تجاوز منطق الإنتخابات وتداعياتها.

 

قد يشكل اختيار ولد أسويدات لإدارة الحملة الرئاسية القادمة فرصة لإعادته للمشهد العام من بوابة السياسة، وقد يحظي بمكانة داخل هرم السلطة من بوابة الرئاسة كمستشار لرئيس الجمهورية، وقد يتم تكليفه بإدارة احدى المؤسسات العمومية القريبة من المجال الذى كان يديره، فى ظل تقاعد بعض المسؤولين المحتمل خلال أسابيع قليلة.

 

ومهما يكن، فقد ربح الوزير محمد ولد أسويدات مكانته السياسية داخل مقاطعة آلاك، بعدما رفض الإنكسار فى وجه الضغوط التى أستهدفته دون غيره، ولم تأخذ موازين القوى بعين الإعتبار، وكسب ثقة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني بإصراره على مواصلة دعمه رغم الابعاد والتمكين لخصومه فى مساره السياسى ومسار البلد عموما، وربما يستعيد دوره داخل المنظومة التنفيذية، تحقيقا لأحلام داعميه – وهم ككل عليها الدهر وشرب.

 

متابعة زهرة شنقيط.