بعد أربع سنوات على تأسسها : قوائم الخارجين من جحيم الفقر أبرز غائب؟

فى التاسع والعشرين من نوفمبر 2019 أعلن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى عن إطلاق واحد من أبرز تعهداته الإنتخابية (وكالة للتضامن الإجتماعى)، وكلف مفوض الأمن الغذائى الأسبق محمد محمود ولد بوعسرية بتسيير المندوبية الجديدة (التآزر)، ضمن رؤية مكتوبة وواضحة، وأجندة يراد تنفيذها فى الآجال الزمنية الممنوحة بحكم الدستور للرئيس المنتخب.


أنشئت المندوبية الجديدة من أجل "تحقيق الحماية الاجتماعية واستئصال كافة أشكال التفاوت وتعزيز الانسجام الوطني وتنسيق كافة التدخلات في المناطق المستهدفة".

 

وقد رصد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى 200 مليار للمندوبية الجديدة خلال مأموريته الأولى، قبل أن يرفع الرقم لاحقا لتمكينها من القيام بالدور المنوط بها على أحسن وجه.

 

كانت إستراتيجية التدخل واضحة جدا على الورق، 219 بلدية سيشملها التدخل المذكور بحكم إرتفاع نسبة الفقر فيها أكثر من 31% ، و600 ألف أسرة يتوقع أن تستفيد من خدمات المندوبية الجديدة، مع إطلاق سلسلة برامج تعكس النظرة الإنسانية للقائمين على المشروع، والمنطق الذى يراد أن تتحرك به الذراع التنفيذية الأبرز لرئيس الجمهورية، فكانت أسماء البرامج عاكسة للهدف الذى يريده رئيس الجمهورية : "الشيله" و"البركة" و"داري" و"أمل" و"التكامل".

وقد أطلقت مندوبية تآزر منذ تأسيسها سلسلة من المشاريع، بعضها يتعلق بتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة لسكان الداخل، والبعض الآخر يتعلق بتقديم الموارد المالية للمحتاجين إليها خلال أزمة كوفيد وبعدها، والبعض الآخر يتعلق بتقديم مساعدات دورية لبعض الأسر المتعففة، وتعكف فى الوقت الراهن على إطلاق مشروع يتضمن آلاف الوحدات السكنية الجاهزة داخل البلاد بالتزامن مع الذكرى السنوية لعيد الإستقلال.

كما مولت تآزر العديد من المشاريع المتعلقة بالمياه فى الداخل، وبنت المراكز الصحية والمدارس – مع التعثر الملاحظ فى بعض مشارعها فى المناطق الخارجة عن نظرة القائمين عليها - وأقامت العديد من السدود داخل القرى النائية وبعض المجالس المحلية التى يعتمد سكانها على الزراعة.

 

وتوجت أعمالها بالتأمين الصحى الذى أراد له رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزوانى أن يكون شاملا، وأن يستفيد منه فقراء البلد والمهمشين فى أنحاء الجمهورية، للتخفيف من المعاناة التى يعيشون فيها، وللإستفادة من الخدمات الصحية المجانية، بدل مركزتها بيد الموظفين.

غير أن ربط بعض الخدمات الأساسية (الصحة والتعليم والأمن الغذائي والسكن) ، والإجراءات الإدارية والتمويلات الموجهة من الشركاء بسجل الأسر المعتمد من قبل تآزر، يجعل القائمين على المندوبية ، بل وصناع القرار فى البلد عموما ، مطالبون أكثر من أي وقت مضى، ببلورة رؤية تثمن ماتحقق وتعرضه للرأي العام  – وهو كثير- وتخرج من السجل الإجتماعى لتآزر بشكل دورى بعض المستفيدين، الذين تمكنوا من الحصول على السكن والمياه والتأمين الصحي، أو أخذوا نصيبهم من القروض والمنح المقدمة، والأسماء المنضوية فى التعاونيات المستفيدة من تمويل يمكن القائمين عليها من تحسين وضعيتهم الإقتصادية، إذ لايعقل أن يكون الهدف من إنشاء جهاز بهذا الحجم والتأثير ، هو توطين الفقر فى لائحىة محدودة من الناس فة ظل مجتمع يعانى ويلات الفقر والتهميش بعد عقود من سوء التسيير والإهمال.

 

كما أن الهدف الأبرز للمندوبية عشية تأسيسها هو استئصال كافة أشكال التفاوت القائمة داخل المجتمع، ومن المستبعد أن تنفق الدولة أكثر من 200 مليار أوقية، وتكون المندوبية غير قادرة على الخروج للرأي العام بخمسة أسر على الأقل تم تقليص الفوارق بينها وبين بقية المجتمع، وأن تظل نفس اللائحة المستفيدة من برامج "التكامل" و"البركة" "والشيلة" دون تحديث (حذفا أو زيادة) وأن تكون الأسر المستفيدة من التأمين الصحى والمساعدات الإجتماعية والقطع الأرضية بالمدينة الجديدة وبعض مدن الداخل، هي ذاتها المستفيدة من السكن الإجتماعى (داري) أو البرامج الإستثنائية الموجهة للتعليم (الكتاب المدرسى والحقائب والولوج إلى مدارس الإمتياز بشروط ميسرة)، فلائحة المستفيدين يجب أن تتوسع، والفقر يجب أن يحارب بشمولية، وأن تكون البرامج الأخرى التى تنفذها مفوضية الأمن الغذائي أو برامج الأمم المتحدة، أو مفوضية حقوق الإنسان أو الشؤون الإجتماعية والشؤون الإسلامية، والمجالس البلدية، هي برامج تكميلية لجهد تآزر، تستهدف مالم تشمله برامج تآزر خلال الأوقات الصعبة أو فى الرخاء، بدل أن تكرر نفس المسار السابق (اعتماد السجل الإجتماعي لتآزر)، وتظل موارد البلد دولة بين المسجلين فى السجل المذكور، مع انتقاد مستمر لصانع القرار وإتهامه من قبل أطراف عديدة بالإهمال والتقصير.

 

كما أن المندوبية العامة لتآزر وهي تواجه الغبن وتحارب الفقر، معنية أكثر من غيرها بالشفافية فى الإكتتاب والتعامل بشفافية مع التوسع المطرد فى أعمالها، فلا يعقل أن تظل مغلقة دون أصحاب الشهادات العليا الراغبين فى خدمة البلد، أو أصحاب الخبرة والتكوين القادرين على تقديم بعض خدماتها، ومن المشين أن تظل البوابة الوحيدة للولوج إليهها هي النفوذ والعلاقة بالقائمين عليها، أو تاريخ محل الميلاد المتعير باستمرار...

 

#زهرة_شنقيط

#تابعونا