الإتصالات بالحوض الشرقى : بوابة السكان نحو التنمية ودرع البلاد فى مواجهة المخاطر (*)

شكلت الجهود المبذولة فى مجال تعزيز انتشار وفاعلية شبكات الإتصال بالمناطق الشرقية خلال السنوات الأخيرة، نقلة نوعية فى مجال القدرات الذاتية للأجهزة الأمنية والعسكرية المكلفة بضبط الحدود، مع فك العزلة عن الآلاف من السكان الذين كانوا خارج التغطية لسنوات طويلة.


 

 

فى مكتبه بلعيون يجلس العقيد سيدي ولد أحبيب المكلف بالمنطقة الشرقية (ولايات الحوضين ولعصابه) وهو يراجع مفكرة أرقامه، ويتحسس هاتفه الجوال كل لحظة، وعينيه على الشريط الرابط بين "أنبكت لحواش" شرقا، و"هامد" غربا، بفعل المخاطر الناجمة عن إمكانية تحول الدولة المالية إلى دولة فاشلة، بحكم الأزمة السياسية الداخلية، وتنامى خطر الجماعات الإسلامية المسلحة، وصراع الدول الكبرى الذى ألقى بظلاله على المنظومة الأمنية والعسكرية بدول الساحل عموما والجارة مالى على وجه الخصوص.

 

 

لايمتلك الدرك – رغم زيادة أعداده وعتاده- القوة البشرية اللازمة لإغلاق الحدود أو الدفع بوحدات قتالية إلى المناطق الأمامية للجبهة، ولكنه يمتلك قوة استعلام متصاعدة فى الشريط الحدودى، بفعل وعي السكان والخدمات التى يتلقونها من الحكومة خلال السنوات الأخيرة.

 

 

قبل أشهر ألزم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى لجنة وزارية موسعة بجرد المشاكل المطروحة لسكان المناطق الحدودية، والشروع فى تنفيذ برامج تنموية واسعة، كان ملف الإتصالات أبرزها.

 

 

لقد انخرطت وزارة الداخلية وسلطة التنظيم فى حملة واسعة لفك العزلة عن الآلاف من السكان على الشريط الحدودى،وباتت الحدود الموريتانية المالية تحت تغطية شاملة من قبل الشركات الوطنية الثلاثة العاملة فى المجال ( شنقتل/ موريتل/ ماتل)، وهو ما أنعكس بشكل إيجابى على حياة السكان، وأفاد المنظومة الأمنية بشكل كبير.

 

 

بين "كوكى" فى الحوض الغربى، و"فصاله" فى الحوض الشرقى تناثرت أعمدة شركات الإتصال خلال الفترة الأخيرة بشكل كبير، وبات رعاة الماشية وملاك الآبار التقليدية، ووجهاء القرى الحدودية ضمن دائرة واسعة، تستشعر قيمة التحول الحاصل بموريتانيا، وتتطلع لأول مرة لمعرفة أخبار البلد، وتستمع لأنواع التدخل المقام بها لصالح السكان، ولديها الفرصة كذلك لطرح مشاكلها، ناهيك عن استقرار الآلاف من الشبان، ممنا باتوا شبه مدمنين على الهواتف النقالة، ولايمكنهم العيش خارج المدن الكبيرة على الإطلاق.

 

 

قبل أيام فقط سقطت مدرسة ابتدائية باحدى قرى الشرق الموريتانى "جكرات 2" ، وهو ما أدى إلى استشهاد أحد التلاميذ وجرح آخرين، مصيبة كانت يمكن أن تمر دون توقف فى الأيام التى خلت ، لكنها الآن شكلت وعي العديد من النخب المحلية والمقيمة بالعاصمة نواكشوط، بضرورة الشروع دون تأخير فى حملة لترميم المدارس المتهالكة واخراج البعض من الخدمة، وإطلاق مشاريع واسعة بالمنطقة، وكانت خدمة الإتصال فرصة لتعزيز الوعي بالظلم والتهميش الحاصل، فتحرك العديد من أبناء المنطقة فى اليوم ذاته للتظاهر أمام وزارة التهذيب، والمطالبة بفتح تحقيق فى الحادث، وهو الإجراء الذى وجه به رئيس الجمهورية على الفور، مع إجراءات أخرى كانت محل إرتياح كبير.

 

قبل سنوات قليلة فقط كانت مدن كبيرة كالنعمة وأمرج وعدل بكرو وتمبدغه وجكني ولعيون تعانى من وضعية سيئة بفعل شبكة الإتصالات المحلية، وكان زوار المنطقة من ساسة ووفود حكومية وصحفيين يصبون جام غضبهم كل يوم على شركات الإتصال والمنظومة الرقابية بالبلد، بيد أن الصورة تغيرت بشكل كبير خلال الأشهر الأخيرة.

 

 

يقول موفد لموقع زهرة شنقيط إن آخر قلاع العزلة بالشرق الموريتانى كانت المجالس المحلية الثلاثة فى الشمال (أنولل وأطويل وأم الحياظ) وقد شرعت شركة موريتل فى بناء شبكة بالبلديات الشرقية، وشرعت شركة ماتل فى بناء شبكة ببلدية أم الحياظ مطلع الأسبوع الحالى، بعد طرح القضية بإلحاح من قبل بعض وجهاء المنطقة خلال اجتماعات عقدت بنواكشوط وأخرى بالمنطقة مع السلطات الإدارية والأمنية.

 

وفى النعمة تعمل الشبكات الثلاثة بطاقة ممتازة، وأختفت مظاهر الأزمة على الشريط الرابط بين "النعمة" و"عدل بكرو"، وفى الأخير يتمتع السكان بخدمة تقارب أو تزيد على مايحظي بها سكان العاصمة نواكشوط من الجيل الرابع، إنها نعمة الإتصال التى عاش الآلاف من الشبان من أجلها كما يقول بعض رواد السوق، وبعض طلبة الإعدادية والثانوية بأمرج، وهم يتمتعون بخدمة الهاتف النقال بشكل جيد.

 

 

وفى تمبدغه تحسنت الخدمة بشكل كبير منذ زيارة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى 2021 ، ولكن الضغط الذى تعانى منه المدينة جراء توافد الآلاف من سكان الريف خلال الفترة الأخيرة ، يجل من تعزيز الشبكة ببعض المناطق الجديدة أولوية قصوى، ناهيك عن ضرورة تفعيل خدمة الإنترنت فى المناطق الواقعة بين أعوينات أزبل وتمبدغه، حيث تحظى الأولى بخدمة انترنت ممتازة، وهو ما أنعكس بشكل إيجابى على الجوار المحيط بها ( أكدرنيت / المظلوم/ لميلح/ بوطلحايه/ ولد الشيخ ولد أبوه/ القرية / حاسي السالك، الحضرة / أم لحبال).

 

 

 

 

للإطلاع على كافة التقارير المتعلقة برحلة الحوض الشرقى اضغط هنا