من سيقود حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم بموريتانيا؟

يستعد أعضاء المجلس الوطنى لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم بموريتانيا لعقد مجلسه الوطنى العادى في الخامس والعشرين من فبراير 2022 بالعاصمة نواكشوط، وسط معلومات أولية عن إمكانية تحول الجلسة إلى مؤتمر طارئ، وفق النصوص القانونية الناظمة له.


 

 ويعتقد عدد من رموز الحزب والمهتمين بالعملية السياسية بأن الجلسة القادمة ستكون بداية لإعادة تشكيل الحزب بعد مؤتمره الاضطراري نهاية 2019، واختيار قيادة يمكن أن يركن إليها في قادم الاستحقاقات السياسية المنتظرة (المجالس الجهوية والبلدية والانتخابات البرلمانية)، مع التحضير الجيد للانتخابات الرئاسية 2024 بتشكلة حزبية قادرة على مسايرة الرئيس وحكومته في المشروع الذى بشر به الشعب عشية انتخابه رئيسا لموريتانيا.

 

ويعتبر رأي رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزوانى في معاونيه الحاليين أحد عوامل التعجيل بالمؤتمر الحالي، والعنصر الحاسم في اختيار القيادة المستقبلية للحزب، وسط شبه اجماع على مغادرة الرئيس الحالي للحزب سيدى محمد ولد الطالب أعمر  دفة القيادة مساء الخامس والعشرين من فبراير، بينما يصارع بعض نوابه وقادة الحزب الآخرين من أجل الحضور في التشكلة المحتملة، رغم منحهم نصف مأمورية كاملة، كانوا فيها خارج التغطية، وأظهروا ضعفا في إدارة العملية السياسية، وجمع الأطراف الفاعلة في الأغلبية على خط يواكب ما بذل أو أعلن من جهد ومشاريع تنموية تخدم الناس وتمكث في الأرض منذ انتخاب الرئيس.

 

وتطرح عدة أسماء لقيادة الحزب في المرحلة القادمة، طبقا للرؤي الناظمة للدعوة إلى مؤتمر جديد.

 

ويعتقد بعض الفاعلين في الحزب بأن قيادته في المرحلة الحالية قد تعود إلى قائده بالفعل خلال الفترة السابقة ، وهو الوزير الأول السابق يحي ولد أحمد الوقف، الذى كان محركه الأبرز، وصاحب الكلمة الفصل فى مجمل توجهاته، وصاحب العلاقة شبه المباشرة بالقصر، وأحد الكادحين الذين عايشوا مجمل التحولات السياسية بالبلد، وخاض تجربة سياسية عميقة من مواقع مختلفة ، بعضها على رأس السلطة التنفيذية وزيرا أول، والثانى  عضوا فاعلا في المعارضة ومتصدرا لجبهة الرفض أيام انقلاب الجيش على الرئيس السابق سيدى محمد ولد الشيخ عبد الله عليه رحمه الله، مع مرحلة كان فيها لروح المعارضة أقرب، وبين أحزاب الأغلبية شبه متمترس.

 

وفى حالة تمرير هذا السيناريو يكون الرئيس أعاد ترتيب قيادة الحزب الحالية، بغية فك الخلاف غير المعلن، وإخراج بعض الأشخاص من قمرة القيادة وتصعيد آخرين، دون تغيير كبير في تركبة الحزب أو تولفة دجمبر التي واجهت الكثير من النقد خلال السنة الأخيرة، وغابت أو غيبت عن مواكبة العديد من المحطات المهمة، وهو ماميز السنة الفارطة، حيث كانت اجتماعات الرئيس بمعارضيه ومنتقديه السابقين أكثر من تشاوره مع الطرف الذى صوت له في انتخابات يونيو، والذى نصبه الرئيس نفسه على رأس الحزب الحاكم بعد مؤتمر المرجعية الشهير.

 

بينما يعتقد آخرون أن الظروف التي قادت إلى التشكلة الحالية كانت ظروفا استثنائية بالفعل، وأن الرئيس ساعتها أعطى الأولوية للجانب الأمني، وترتيب بيت المؤسسة العسكرية والأمنية الداخلى لتأمين نفسه وترسيخ حكمه، بينما كان مؤتمر المرجعية مجرد تأديب للخارجين عليه أو المشككين في إمكانية حسم الخلاف مع صديقه السابق بالطريقة التي يريد هو، وضمن الآجال الزمنية التي يحددها، وأنه صاحب الشرعية والمشروعية، وأن دفة الحكم آلت إليه في انتخابات شفافة ونزيهة، ومن أراد الدخول في الحكم أو الاستمرار في محيط الأغلبية الذى كان ينشط فيه ، فعليه قرع البيوت من الباب والكف عن التعلق بوهم التأثير والنفوذ العابر للمواقع.

 

ويعتقد أصحاب هذا الطرح أن الوقت قد حان لإعطاء الحزب لأهل السياسية من محيط الرئيس ومعاونيه، وأصدقاء المرحلة الذين أثبتوا القدرة والجرأة في مواجهة الغير، والتعامل مع محطات التصعيد والمواجهة بنفس تصعيدى ، ومراحل الاستقرار والبناء بما يليق بها من تفكير وتخطيط واظهر لنقاط القوة وتعامل عقلانى مع نقاط الضعف أو الإخفاق، والسير في ركب الرئيس دون انتظار منصب أو ترضية، أو فك الحصار الذى عانوا منه قبل الرئيس، أو استعجال ثمار المعارك التي خاضوها من أجل نظام كانوا أول المبشرين به، ومواجهة كانوا أول من خاضها والجميع يعتقد أن ما أقدموا عليه هو الانتحار نفسه.

 

ويتداول كثر دون نسبة للرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى أو عزو للطرف الآخر، إمكانية تصحيح الخطأ الذى قادة للمرحلة الحالية، وإعادة الحزب إلى وضعيته السابقة، باختيار رئيسه السابق سيدى محمد ولد محم من جديد، تأكيد على رفض الخطوات غير المدروسة، والتي كان من أبرزها إقالة رئيس الحزب قبل استحقاق مفصلى (انتخابات يونيو) دون تصريح خاطئ أو تسيير غير شفاف أو نتائج هزيلة أو حتى اختيار خلف له، وهي مرحلة كانت الرؤية فيها مضطربة، والدافع الأول فيها هو تنحية الرئيس الذى قاد الحزب في استحقاق تاريخي، ترضية لبعض المحيطين بالرئيس من رجال الحكم وأصحاب النفوذ في القصر، قبل أن تبدأ خطوات الاستهداف اللاحقة والتي رد عليها بإستقالة علنية من الحكومة في مرحلة فاصلة من تاريخ التحول السياسي بموريتانيا.

 

ويعزز موقف أصحاب هذا الطرح العلاقة الوثيقة بين الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى والوزير السابق سيدى محمد ولد محم، وعزوف الأخير عن المناصب التنفيذية والمال، وانشغاله بالسياسة منذ نعومة أظافره، ومعرفته الدقيقة بالحزب، وعلاقته بمجمل الهيئات القائمة حاليا (الفدراليات والأقسام والنواب والعمد والمجالس الجهوية) وتصدره لفريق الأغلبية المدافع عن الرئيس وخياراته، وتجربته داخل دوائر الدولة منذ تصدره المشهد الموالى 2008 إبان أزمة النواب وحكومة الوزير الأول يحي ولد أحمد الوقف.

 

وبغض النظر عن صدقية الأنباء المتداولة في الوقت الراهن من قبل أهل السياسة والإعلام، يظل رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزوانى صاحب الكلمة الفصل في الحزب وقيادته، وتظل القوى المختلفة داخل الحزب الواحد تنتظر ما سيقرره الرئيس بشأن الذراع السياسية لحكمه، والواجهة السياسية لنظام آخذ في التشكل، كما تشى بذلك خطوات الرئيس الأخيرة، وتسارع القرارات الحاسمة في مجالات حيوية كالأمن والاقتصاد وتسيير الأموال والأشخاص والعلاقات الخارجية للبلاد.