لحظة فارقة أم لحظة عابرة؟

رغم أني لست سياسيا ...سأكتب في السياسة الآن و لكن بمفهومها الوطني لا الحزبي.

فقد شعرت كمواطن موريتاني  بأنني مطالب بأن أكتب عن وطني الذي ولدت فيه و درست و عشت  و عملت .

لا تهمني الأسماء و لا الألقاب هنا ...
ما يهمني أنني في بلد من بلدان العالم الثالث لديه ثروة معدنية كبيرة(الحديد،النحاس..الذهب)، وثروة سمكية هائلة و ثروة حيوانية معتبرة و حتى ثروة زراعية لو استقلت مساحاته الشاسعة و التي تطل  على النهر السنغالي ،

  و مع ذالك نعيش آلام الفقر و كواليس البطالة ؟

فأين تذهب ثروات بلدنا....؟

ما يزال التعليم يعاني ، و الصحة تراوح مكانها ، و البنى التحتية محدودة ...

كم تعاقب علينا من رئيس و وزير و مدير .. و هل تمت محاسبة  هؤلاء يوما ما ؟

إلى متى نظل ننظر إلى وطننا ينهشه الفساد ؟
و كيف سنبني وطننا دون أن نحاسب أحد؟

لما رأيت اليوم حكومة برئيسها و وزرائها و مدرائها و رجالاتها تنتقل في باصات بين إدارة الأمن و قصر العدالة لتحاسب على تسييرها للبلد أحسست بنوع من الدهشة حول الأمر

هل فعلا نحن أمام لحظة فارقة في تاريخ بلادنا تؤسس لعدالة شاملة يجد فيها المواطن حقه من ثروته المنهوبة؟

هل بإمكاننا أن نتجاوز محاربة  الفساد بالشعارات إلى محاربته بالعدل و المساواة؟

لقد حركت تلك الصورة و الخبر في وجداني شوقا إلى رؤية النهضة و التنمية في بلدنا و بعثت في قلبي قدرا من التفاؤل

ما أعلمه أن التغيير لن يكون إلا من الداخل ، فنحن لا ننتظر وافدا من الخارج يغيرنا و لا نرجوا ذلك.

و لاشك أن أول بوادر التغيير هو نشر ثقافة السلم و العدل و المساوات ، و توزيع الثروات بشكل عادل على المواطنين ،
و العمل بجد و إخلاص و نزاهة في تسيير ميزانية البلد، و إعتماد مبدإ الكفاءة و العدالة في التشغيل.

إن حلم النهضة التنموية يسكن كل شاب موريتاني ذاق مرارة المحسوبية ، و عاش بؤس البطالة بعد أن غادر الجامعة يحمل شهادته إلى أبويه اللذان صرفا كل ما يملكان من أجل تعليمه و حصوله على تلك الشهادة.

يحلم به كل موظف واجه صعوبة العيش و تدني راتبه أمام القوة الشرائية التي تخنق أنفاسه

يحلم به كل منمي واجه مخلفات الجفاف دون يد عون تخفف معاناته

يحلم به كل مريض عجز عن تحصيل مصاريف دوائه أحرى أن يصرف الملايين في المعالجة في الخارج

إنني كمواطن يراقب أحداث بلده و يعيش أصداءها ...
أتوق إلى العدل و الإصلاح و أنتظر ممن يحكم البلد أن لا يخيبوا ظننا فيهم ...

فقد تقطعت أوصالنا في الانتظار ....لولا بصيص الأمل

لا أتوقع أن يتغير كل شيئ بين عشية و ضحاها ، لأن ركام الفساد لعشرات السنين لن يزال في أيام ،
لكنني أتوقع أن تصلني رسائل إيجابية و مؤشرات فعلية تزيد مساحة الأمل في فؤادي و تمحوا جروح اليأس التي كادت تقتل الأمل في.

القصطلاني سيدي محمد ابراهيم