ليبراليونا وليبراليوهم. د. عبدالله بيان

في مناظرة نائبيْ المرشحيْن الأمريكيين ليلة أمس، حاول مايك ابنس أن يتهم الديموقراطين ب "الهجوم على الدين المسيحي". فذكر أن رئيس المجلس القضائي للديمقراطيين في الكونغرس قال ذات مرّة إن مرشحة اترامب للمحكمة العليا، القاضية برت، عقيدتها الدينية حاضرة بشكل واضح في ممارستها للقضاء. معتبرًا ذلك انتقاصًا من أهمية حضور الدين المسيحي في حياة الناس. في حين رفضت نظيرته هاريس التهمة وقالت: "أنا وبايدن شخصان مؤمنان (people of faith)، ومن الإهانة أن تنعتنا بأننا يمكن أن نبعد شخصاً بسبب دينه". 

فحتى ولو كان الموقف الشخصي للّيبرالي الأمريكي سلبيا من الدين، فإنه لا يريد، ولا يستطيع، أن يواجه الشعب الأمريكي بذلك إذا كان جادا في الحصول على ثقته في انتخابات مهمّة كهذه. بل يعبّر المرشحون الليبراليون علناً عن التزامهم بالدين المسيحي وعن ذهابهم إلى الكنيسة بانتظام. ويحرصون، كما يفعل نظراؤهم المحافظون، على الظهور على منصات الحملة الانتخابية مع أزواجهم وأبنائهم وأحفادهم (إن وُجدوا)، لإظهار اهتمامهم بالقيم الأسرية. ورغم التعدد الإثني والديني الكبير في الولايات المتحدة (يهود، مسلمون، هندوس، ملحدون..)، لا زال ما يقارب نسبة 90% من أعضاء الكونغرس تحرص على أن تعبر علناً أنها 'مسيحية مؤمنة'، حسب إحصائية لمعهد Pew للأبحاث 2019. 

بل ربما يُفاجئ الكثير من ليبراليينا أن الحزب الديموقراطي (الليبرالي) في الانتخابات الحالية 2020 (وفي أقدم ديموقراطية في العالم) يرشّح للكونغرس الأمريكي، براين برغوف Bryan Berghoef، والذي هو قسّ يؤم حاليا كنيسة في ولاية ميتشغن. 

ذكّرني مشهد البارحة هذا ب 'ليبرالي' موريتاني كان يدافع عن انقلاب 2008 (تبدو عبارة ليبرالي يدافع عن انقلابٍ متناقضة، ولكنه جانب آخر من مشهدنا المؤسف. والأكثر أسفًا أن الليبرالي ذاته يتحدث الآن عن "سوءات العشرية" الانقلابية التي كان أحد ألسنتها، بعد أن ولّى وجهه حاليا شطر ساكن القصر الجديد) حيث قال يومها في إحدى الفضائيات الدولية، مخاطبًا محاوريه والمشاهدين: إن مناظِره "يؤمُّ أحد المساجد في فرنسا". قاصداً الانتقاص منه! 
فلله في خلقه شؤون. 'أصل ليبرالي' يحترم دين أمته ويقدّسه، و'فرع تابع' يرى في الالتزام بدينه تخلّف ونقص في الأهلية.