عبدول با، حامل مشعل الكرة الموريتانية
أحب كثيراً أن أكون في دور الصغير الذي يريد التغلب على الكبار. أحب أن أكون في هذا الموقع. وينطبق نفس المنطق هذا على منتخب موريتانيا". بهذه الكلمات عرَّف كورينتين مارتينز بنفسه في 2015 خلال لقاء خص به موقع FIFA.com متحدثاً عن توليه تدريب الفريق الوطني الموريتاني، الذي كان يسعى حينها إلى تحقيق أول تأهل له إلى بطولة دولية كبرى.
وبعد خمس سنوات على ذلك التحدي، لا جدال الآن في كون منتخب المرابطين أصبح يزخر بما يكفي من خبرة وتجربة لمقارعة عمالقة القارة. كيف لا وهو الذي شق طريقه بثبات نحو نهائيات كأس أمم أفريقيا الأخيرة بينما يواصل حالياً السباق للحصول على تذكرة المشاركة في كأس العالم FIFA قطر ٢٠٢٢، فقد أحرز هذا الفريق تقدماً صاروخياً على غرار قائده عبدول با، صاحب القامة الفارعة (2,3م).
بين البنية الهائلة والأخلاق الحميدة
قال قلب الدفاع متحدثاً عن قامته الطويلة: "أرى فيها مزايا أكثر مما أجد فيها عيوباً". وتابع ابن السادسة والعشرين في حديث حصري لموقع FIFA.com بالقول "قد تعلمت على مر السنين الاستفادة من بنيتي الجسمانية إلى أقصى حد. إنني أستغلها بشكل خاص في الكرات الهوائية! على العموم، أعتقد أنني أستفيد منها كثيراً!"
تزامن انطلاق مسيرة با الدولية مع تقدم مستوى المنتخب الموريتاني. فقبل خوض مباراته الأولى مع الفريق الوطني، كان المرابطون في مرتبة متأخرة في التصنيف العالمي، حيث كانوا يقبعون خلف المركز 200. وبعدها بثماني سنوات، ها هي موريتانيا تحتل المرتبة 100 عالمياً. وفي هذا الصدد، يعلق لاعب أوكسير الفرنسي الذي يُعد من المخضرمين في الفريق الوطني، حيث لا يقل رصيده عن 39 مباراة دولية: "لا أحب أن أوصف بالنجم أو قائد الفريق أو عماد المنتخب، وإن كنت أستشعر أنا وزملائي ما ينتاب أفراد الشعب من فخر واعتزاز منذ أن تمكنا من التأهل لكأس الأمم الأفريقية".
بغض النظر عما يتحلى به من تواضع، إلا أن تأثيره على المستطيل الأخضر وخارجه ينعكس بجلاء على النتائج الجيدة لفريقه. ورغم أنه يحمل شارة الكابتن، إلا أنه يفضل البقاء بعيداً عن دائرة الضوء، حيث أوضح في هذا الصدد: "إنه لشرف عظيم، لكن ذلك لم يُغير كثيرًا من حياتي! على أي حال، لا أشعر أنني في مرتبة أعلى من أي لاعب آخر".
روح الفريق، التفاؤل... ثم الحذر
هناك عوامل متعددة وراء تقدم كرة القدم الموريتانية، علماً أن عبدول با – المولود في العاصمة السنغالية داكار – يُعد حلقة أساسية من حلقات هذا التطور الملحوظ، حيث أوضح في هذا الصدد أن "تقدمنا هذا يرجع إلى مزيج من العوامل: المدرب، وأعضاء الطاقم، واللاعبون، والاتحاد الكروي... كلنا معنيون. إنه نتيجة لعمل هائل ووقت طويل. والآن حان وقت جني الثمار!".
فبعد كأس أفريقيا 2019 حيث تمكنت موريتانيا من انتزاع التعادل أمام منتخبي تونس وأنغولا، اللذين سبق لهما تمثيل القارة في كأس العالم، يهدف المرابطون الآن إلى بلوغ مستويات أعلى، واضعين نصب أعينهم كأس العالم FIFA قطر ٢٠٢٢، حيث سيكونون على موعد متجدد مع نسور قرطاج في منافسات المجموعة الثانية ضمن الدور الثاني من التصفيات الأفريقية، إلى جانب كل من غينيا الاستوائية وزامبيا.
وختم با حديثه بنبرة متفائلة، وإن كان يشوبها بعض الحذر: "كل شيء قابل للتحقيق! لقد شهدنا ما يكفي من المفاجآت في تاريخ كرة القدم، كما وقفنا شاهدين على سيناريوهات عودة لا تصدق في بعض المباريات ... صحيح أننا أحرزنا تقدماً كبيراً، لكن موريتانيا لا تزال دولة صغيرة في ساحة كرة القدم، كما أن كأس العالم يمثل تحديًا كبيرًا للغاية. ولكن لمَ لا؟ ما الذي يمنعنا من الحلم؟!"