فقه سياسي

درج كتاب الأحكام السلطانية عند حديثهم عن تولي السلطة أن يذكروا منها اختيار أهل الحل والعقد ووصية السابق، وكان معتمدهم غالبا في وصية السابق ما فعله سيدنا أبوبكر الصديق رضي الله عنه، وكان كثيرون لاحقا يستشكلون هذا الأمر ويرفضون تسويغ الملكية والنمط السلطاني بهذا الاعتبار، خصوصا أن الصديق رضي الله عنه شاور الصحابة ولم يوص لذي قرابة.

 لكن شيخ الإسلام ابن تيمية كان من أوضح الناس في هذا الأمر وقال فيه ما لو قاله غيره لاستنكر عليه، قال رحمه الله : "ولو قدر أن عمر وطائفة معه بايعوا أبابكر وامتنع سائر الصحابة عن البيعة لم يصر إماما بذلك، وإنما صار إماما بمبايعة جمهور الصحابة الذين هم أهل القدرة والشوكة" ثم قال - وهذا بيت القصيد - " وكذلك عمر لما عهد إليه أبوبكر، إنما صار إماما لما بايعوه وأطاعوه، ولو قدر أنهم لم ينفذوا عهد أبي بكر ولم يبايعوه لم يصر إماما".

لله در شيخ الإسلام ما أحسن فهمه، الطريق الوحيد لشرعية الحاكم هو اختيار الناس أو من يمثلهم والحالات الأخرى استثناءات حولها بعض كتاب الأحكام السلطانية إلى أصول تساوي الاختيار وما وفقوا في ذلك.

الحديث عن تناغم فكري بين الإسلام والديمقراطية إذن ليس من فراغ فمن دعا إلى إمارة نفسه أو غيره دون مشورة من المسلمين فلا يحل له هو والذي بايعه تغرة أن يقتلا كما قال الفاروق عمر واورده البخاري في صحيحه.