العالقون في مالي

شخصيا لست من الذين يستهويهم نقد إدارة أوحكومة أو شخصية عامة أوعادية ،بل ينتابني شعور بالألم حينما أقرأ لآخرين يتبنون مثل ذلك النهج ولا يتورعون في نقدهم اللاذع لتلك الجهات أو أولئك الأشخاص بالكشف عن مآخذهم أو إلصاق التهم بهم ،ويأبي ضميري أن يطمئن لمثل ذلك التجريح وأحاول جاهدا أن ألتمس لأصحابه مخرجا ، لكن وضعيتي الخاصة ترغمني علي التنبيه لظرفيتي الحالية التي تحتاج إلي ذلك فأنا -معلم بالمدرسة العمومية الموريتانية في باماكو العاصمة المالية - التي توقفت عن الدراسة علي غرار مثيلاتها في كل من مالي وموريتانيا منذو مايقارب ثلاثة أشهر ، ونظرا لظروف خاصة بقيت الوحيد بعد زملائي الذين استفادوا من تلك الإيجازة وغادروا إلي الوطن العزيز قبل إغلاق الحدود الذي فاجأني قبل أنتهاء مهمتي التي كانت سببا في تأخري بعدهم .

وعلي الرغم من بقائي وحيدا في دولة موبوءة لم أفكر في التسلل رغم إتاحة فرصه خاصة في بداية الأزمة - وحتي لا أكون مصدرا لإزعاج أهلي ووطني- واستسلمت ورضيت بقضاء الله الذي لا يفعل بعبده المؤمن إلا خيرا ، عل وعسى أن يأتي الفرج ، وكم كانت فرحتى عارمة بالقرار الذي اتخذته اللجنة الوزارية والقاضى بالسماح للموظفين مثلي وكبار السن والمرضي بتسوية وضعيتهم وإدخالهم إلى الوطن.

وبعد يومين من ذلك القرار راجعت السفارة ،لكن فاجأني أننا على حد قولهم لسنا معنيين بهذا القرار ! فالموظفون المعنيون أولئك الذين أدركهم الحظر وهم يؤدون مهام للدولة -وكأن هذا لا ينطبق علي - طبعا موظفوا السفارة لا ينطبق عليهم لأنهم يواصلون مهامهم بالطريقة العادية لكن بالنسبة لي وعامل دعم في المدرسة معي وبعثة من أربعة أشخاص من الحالة المدنية كانت مكلفة بالإحصاء في مالي -الذى أوقفته الجائحة هو الآخر -كلنا معنيون بهذا القرار .

ولا أدرى هل وزارة الخارجية لم تطلب من السفارة المالية التبليغ بالحالات التى ينطبق عليها القرار وحتي لا يتم إقصاء المعنيين كما حدث معنا ،أوأنه كان على السفارة أن تكون صاحبة المبادرة وتبلغ عنا .

المهم أننا حرمنا من الأستفادة من هذه الفرصة ونحمل الجهات المعنية تبعات ذلك ،فالدولة عليها أن تهتم بأي مواطن ولو كان وحيدا لنقذه من أي خطر يواجهه ،ويتأكد ذلك إن كانت جماعة ،لهذا لا يجوز أن نحرم من الحقوق التى على أساسها تم السماح لآخرين يحملون نفس المواصفات عندنا بالدخول إلى وطنهم .

وهنا أوجه نداء استغاثة للجهات المعنية بالنظر في قضيتنا والتى لا تتطلب من الدولة أكثر من إرسال باص صغير وحجرنا عند أول نقطة عبور ،ليلا ينتابنا شعور بأننا لا ننتمي لهذا الوطن ولا نتمتع بنفس الحقوق التى على أساسها أرسلت الطائرات وفتحت المعابر وجهزت الفنادق ،فهذا سعي مشكور لنا الحق أن لا نحرم من التمتع به والأستفادة منه وحتى لا نحرم ويحرم ذوونا من فرحة العائدين إلى وطنهم.

والله ولي التوفيق

محمد عبد الرحمن ولد حمم ولد احمدددي
معلم بالمدرسة العمومية الموريتانية فى بامكو