
أستطيع أن أفهم أو أتفهم نظرة مجتمعي إلى الشباب المنتمي للمعارضة أو ما يُطلِق عليه ولد عبد العزيز "أصبياء المعارضة" المنخدعين في نظر السلطان بأفكار بعيدة عن الواقع،والمغرر بهم برؤية مجتمعهم المتفلسف،والذين تلعب بهم أيادي السياسيين فتوجههم أنّى شاءوا، لكن ما لم أستطع تفهمه ولم أستسغه أن يُسلب هذا المجتمع رجاحة عقله وسداد رأيه،فتنطلي عليه حيل من سياسي أو على الأصح "لحلاح" ليس أرجح رأيا ولا أغزر علما من الدهماء والعامة،فيسوقهم سوقا من أقاصي الأرض ويحشرهم كما يَحشُر بعض دوابه،في سبيل أن يقال للرئيس هؤلاء آل فلان وأنصاره فيحظيه الرئيس بنظرة .
نعم تكفي أمثال هؤلاء _وليسوا قليلين في الحوض_ نظرة من فخامته ودراهم معدودة في سبيلها يبيع "اللحلاحة" المجتمع والقرية وبضاعتهم البشرية،ربما يبنون للقرية بيوتا باسم دولة الرئيس فيسمون واحدا مدرسة إبتدائية والآخر مصحة إستشفائية.
أما المدرسة الابتدائية في ريف الحوض فيكفي أقسامها الستة مدرسان إن كانت القرية وأهلها من أهل الحظوة والسلطان وإلا فواحد يكفي في فقه مصالح المنطقة..وأما المصحة فقصة أخرى تختزل فصولها تسمية الممرضين بالدكاترة ومباشرتهم تشخيص المرضى في القرى الريفية الغالبة على طبيعة المنطقة.
لا غرابة إن أسمى ساسة و"لحلاحو" الحوض الشرقي مثل هذه البيوت إنجازات ومنوا بها على أهل الريف المغيبين،فقد كان مما حمل الرئيس على المجيء إلى الحوض ضمن استعراض الإنجازات، زيارة مستشفى النعمة أيقونة التخلف في البلد ونتانة نفاق الساسة المحابين ورمز ضياع المواطن في غياهب النسيان المتعمد،فصورت لنا الآلة الإعلامية الرديئة المستشفى الخرب بصورة ملاذ المرضى الآمن ومنتهى أوجاعهم وآهاتهم،وضخمت أعداد الأطباء والأخصائيين والعاملين فأجملت العدد ولم تفصل وأخفت بتلاعب واضح ومفضوح إمكانيات المصحة التي يقارب عدد العاملين فيها من أطباء ومختصين عدد أصابع اليدين وتستقبل من جهات الحوض الأربع ما تعجز عنه،وتعجبت من تسمية غرفة منعزلة في المستشفى فيها جهازين للتصفية ب"قسم التصفية" لا أعلم ابتكار من هذا،ربما هي من عجائب أفكار "الحفار"..
لم يخب ظني حين توقعت زوبعة إعلامية كما تجري العادة دائما في زيارات الرؤساء للمنطقة،لكن مما يثير الحفيظة اعتماد هذه الزوبعة على أشياء تافهة من قبيل زيارة ثانويتين أولاهما ثانوية تكوين مهني أنجزت في عهد الرئيس السابق سيدي ولد الشيخ عبدالله ولا تزال على حالها الأول،و أخرى سميت امتياز النعمه وأُريد لكم أن تُضَلَلوا بتسميتها وتغِيب عنكم حقيقة أنها ليست سوى أقسام خربة داخل ثانوية النعمة التي لم يطرأ هي الأخرى في بنيانها غير ما شيد من جدران على استعجال إبّان زيارة الرئيس السنة الفارطة،فأي تضليل هذا ومن سيصدقه وهل هذه هي باكورة إنجازاتكم سيادة الرئيس؟..
أعذرني نسيت فعلا فصول الزيارة الكبرى التي بها استهللتم ماراثون الإستغباء،فأي مطبل لا يأتي على لسانه مصنع الجلود والألبان،وأي معارض تستطيع صور الموريتانية البارحة تكذيبه أو حتى تغييب بعض الحقائق عنه..مصنعكم هذا أوضحت صوركم كما لم تفعل في سواه أو مشروع المستشفى الجديد،لم يجاوز مستوى الأرض فأُسسه يبدو من ملامحها أنها وضعت بالأمس القريب،ولم يبق للمشروعين من الوقت سوى القليل،إن حسبنا من وقت تدشينه إلى اليوم فنرجو من فخامتكم أن لا يكونا مثل أشقاء كثر متناثرين على أديم هذا الوطن أخلفتم فيهم موعدكم..
وما كان موعدكم أمس مع أهل النعمة إلا ضربا من ضروب اللعب على العقول مارستموه وحاشيتكم من وزراء ومؤيدين،و"لحلاحة" أرادوا التنافس واستعراض شعبية زائفة ومخادعة بنيت على كواهل ضحايا جهلهم السياسي المطبق،وحملات دعائية بنيت على استغفال البسطاء،وصناعة إعلامية لا يخفى على عاقل زيف مضامينها،وأنتم في كل ذلك تجلبون بخيلكم ورجلكم على المنطقة أنّى نزلتم،لا بد أن مصالح انواكشوط الإدارية خوت على عروشها إلا ممن حبسهم العذر فكيف لموظف أن يقر ويستقر والرئيس في زيارة ما..
أنا في الحقيقة في حيرة من أمري هل ألقي باللوم في ما نحن فيه الآن على مسؤولين فرطوا أيما تفريط وضربوا مواعيد عرقوبية مع شعبهم أكثر مما أنجزوا،أم على شعب لا يلقي بالا لأساليب أخرى في تحصيل ما عجز المصطفون الأخيار من ساسة و"لحلاحة"،وأبى السادة والكبراء من رؤسائهم أن يفهموا حاجة المنطقة إليه..