هل كانت استقالة "المختار" مفاجئة لحزب تواصل؟

أعلن السفير السابق والوزير المختار ولد محمد موسى استقالته رسميا من حزب النجمع الوطنى للإصلاح والتنمية المعارض المعارض ، بعد سنتين من توتر العلاقة بين الرجل وأبرز رموز حزبه، اثر جنوحه للتفاوض مع النظام دون تفويض، وتصعيده ضد رموز الحزب فى الكثير من الأوقات بدعوى التساهل وعدم الدفع باتجاه تطبيق الشريعة الإسلامية، والتحول إلى حزب مدنى خالص.

ولد محمد موسى العائد للساحة الإسلامية بعد قطيعة، كانت لحظة اعتقاله سنة 2003 ، لحظة تحول فى مساره، من رجل مثقف يدفع باتجاه التفاوض مع المخزن، والبحث عن فرصة للإصلاح من الداخل، وطامح للقاء الرئيس المطاح به، إلى سجين، ثم معارض شرس إلى جانب زملائه من رموز التيار الإسلامى، بعد قطيعة أمتدت لعقد من الزمن.

حاول ولد محمد موسى سنة 2005 تجسير الهوة بين رفاقه وقادة الحكم العسكرى، وأدلى بتصريحات صحفية حول قائد الحرس الرئاسى ساعتها العقيد محمد ولد عبد العزيز ، كانت محل تحفظ من رفاقه، لكن لم تغير من مكانة الرجل فى سلم الميادرة المعلنة من طرف رموز التيار الإسلامى( الإصلاحيين الوسطيين) ، وكانت من هيئة القيادة، ومن المؤسسين لحزب النجمع الوطنى للإصلاح والتنمية المعارض تواصل إبان حكم الرئيس سيدى محمد ولد الشيخ عبد الله.

حاول السفير والوجيه البارز ولد محمد موسى دخول البرلمان سنة 2006 من بوابة نواذيبو العاصمة الاقتصادية للبلاد، لكن سكان المقاطعة التى عاش فيها بعض الوقت، وفى ربوعها ترعرع والده، لم تتلقفه بالقبول المؤمن لدخول البرلمان، وهيمن التكتل والقاسم ولد بلالى والتحالف الشعبى التقدمى على مقاعدها الثلاثة.

تسارعت وتيرة الحراك السياسى، وتقارب التيار الإسلامى مع السلطة نهاية 2007، وبداية 2008، لكن المختار لم ينل حظه من الكعكة، وذهبت حقائب الحكومة لصالح رفيقيه ( محمد محمود ولد سييدى وحبيب ولد حمديت)، قبل إقالة الحكومة وسجن الرئيس، وتولى الجينرال محمد ولد عبد العزيز مقاليد السلطة فى انقلاب عسكرى مشهور.

بعد سنة من الصراع، تمكنت الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية وتكتل القوى الديمقراطية من توقيع اتفاقية لحل الأزمة مع قادة الجيش والبرلمان، وسميت باتفاقية العاصمة السينعالية دكار.
وكان من أبرز نتائجها تشكيل حكومة وحدة وطنية، كان نصيب تواصل منها وزير الشؤون الإسلامية، ولهذا المنصب أختار السفير المختار ولد محمد موسى رغم تحفظ قائد الجيش لبعض الوقت.
ومع إجراء انتخابات 2013 ترشيح المختار ولد محمد موسى لمنصب نائب فى البرلمان عن اللائحة الوطنية، خلف محمد غلام ولد الحاج الشيخ وافو بنت الميداح، وهو ما أمن له دخول الجمعية الوطنية لأول مرة.

وقد تم اختيار رئيسا لفريق الحزب بالبرلمان لسنتين أو أكثر، كانت فيها علاقته برفاقه محل فتور، بحكم الإختلاف فى الرؤى مع رئيس الحزب محمد جميل ولد منصور وبعض معاونيه، مع انتقاد مستمر لخط الحزب وسلوك رئيسه، منتقدا تساهلهم فى بعض الأحيان فى قضايا الشرع، ومطالبا بالتهدئة فى بعض الأحيان، والتعامل مع الأمور بقدر من المرونة.

ظل المختار ولد محمد موسى صاحب علاقة طيبة ببعض رموز الحزب، وبعض الرموز الإسلامية خارجه.

وكان من المتحمسين لفوز الرئيس الجديد محمد محمود ولد سييدى، وأعرب عن استعداده للتعاون معه.

وبعد التعديلات الدستورية دخل فى ازمة مع بعض رموز الحزب بفعل موقفه المتسرع من التعامل مع مخرجاتها (ظهوره بالعلم الجديد فى تيسيت) واجتماعه بالرئيس دون تفويض أو إخبار. ولكن تمت تسوية الأمور مع تحفظ لم يعجب السفير ولم يرحه على الإطلاق خلال الفترة الأخيرة.

بعد فترة من الحادث وبعض الحوادث المشابهة (عرض برنامج الحكومة فى البرلمان واستجواب بعض أعضاء الحكومة) تم ابعاده من الترشيحات كافة، وتم إخراجه من المكتب التنفيذى، وربما تكون قبل هذا أو ذاك نضجت لديه المغادرة، فتواصل لم يعد كما كان بالنسبة له، وحماس رموز الحزب وقواعده خف تجاهه خلال السنة الأخيرة على أقل تقدير.