اظهر الحراك السياسى الجاري تحول الجمعية الوطنية بموريتانيا من قلب الصراع القائم إلي مؤسسة تسجيل، يمرر منها نواب الأغلبية قصائد المديح، ويحاول بعض نواب المعارضة استغلالها لكشف بعض مثالب الرئيس وأعضاء حكومته.
الرئيس السابق للجمعية الوطنية مسعود ولد بلخير أعطي للبرلمان قيمة، وحيوية كبيرة، وحوله بالفعل إلي طرف فاعل داخل الساحة السياسية، وأحد مراكز صنع القرار بموريتانيا.
ولد بلخير المدعوم بأربعة نواب فقط، تمكن من فرض نفسه كأحد أهم رموز العملية السياسية منذ انتخابه نائبا بالجمعية الوطنية 2006، حيث ساهم في تنصيب أول رئيس مدني بالانتخاب عبر صفقة سياسية وازنة، وضمن لنفسه مقعدا يتلائم وطموحه، وشكل العمود الفقري للرافضين لانقلاب الجيش، قبل أن يتحول إلي قلب الحدث، باعتباره أبرز مناهض للثورة، وداعم للإستقرار.
ولم يكتف ولد بلخير بلعب أدوار بسيطة، بل كان الرمز الذى يلجأ اليه رموز الأغلبية لتهدئة المعارضة، ويراهن عليه المعارضون في أي حراك جاد يهدف إلي زعزعة استقرار السلطة.
غير أن الأمور تغيرت بالفعل تماما، وتحول البرلمان إلي غرفة تسجيل غير محددة الوجهة، لكل نائب فيها رأي، وغابت عن الفعل السياسي رغم أن أكثر المتعاطين للسياسة ينشطون داخلها، أما رئيس فقد تحول إلي مجرد نائب قادم من الداخلية، يتقن ممارسة "مهامه" داخل القاعة من خلال قطع الصوت عن النوب، ويأمر بصرف الرواتب والعلاوات، وأسفار رفاقه دون أي تأثير في المشهد، أو حضور مقنع، رغم كثرة النواب الداعمين له، أو علي الأقل المستفيدين منه، وهشاشة المتعاطين للسياسة لو أنه قرر المنافسة أو طلب الشراكة ممن يتلمسون الهدوء، ويبحثون عن طوق نجاة قد يكون هو أول ضحاياه أو من المؤكد أنه بالفعل من أبرز الخاسرين فيه.