وجبة الإفطار فى شهر رمضان حلم فقراء الريف بموريتانيا

باشر أكثر من 150 ألف بالغ صيام شهر رمضان المبارك بالحوضين نهاية الأسبوع الجارى، وسط درجة حرارة تتجاوز الأربعين فى معظم المناطق الداخلية، و أجواء جفاف بالغة التعقيد تضرب المنطقة منذ أشهر، وارتفاع مذهل فى  أسعار الأعلاف والمواد الغذائية مع ندرتها فى الأسواق المحلية، وعجز عن توفير المياه الصالحة للشرب فى أكثر المناطق الحضرية وبعض قرى الريف.

 

ويمسك السكان عن الشرب وما تيسر من الأكل بشكل مبكر ( الرابعة وبضع دقائق) وينتظرون إلى الغروب للإفطار دون التزام فى أغلب الأحيان بالمواعيد الرسمية، بفعل ضعف الصلة بوسائط التواصل الإجتماعى أو وسائل الإعلام الرسمية ، فى ظل شبكات ضعيفة، وكهرباء معدومة فى المدن الرئيسية ناهيك عن الريف، حيث يقطن أغلب سكان الحوضين خلال الفترة الحالية.

 

يعتمد السكان فى الريف على  وجبات إفطار خفيفة خلال شهر رمضان المبارك كالأشربة المعدة من "تجمخت" أو "سليا"، طحين الفول السودانى (قرت)، بينما يميل البعض فى ظل انعدام الدخل وندرة المواد الغذائية إلى شراب المياه الباردة ( ماء القربه) ، مع تناول الشاي الخفيف لحظة الإفطار.

 

وتنعدم اللحوم فى أغلب مناطق الريف بفعل هجرة الماشية نحو مالى، وغياب أي مجازر معتمدة فى القرى الكبيرة، ويكتفى البعض بتناول ماتبقى من طعام الغذاء بعد الأطفال والشيوخ ( الأرز  مع الفصوليا) ، ويعتمد البعض طريقة أخرى فى الإفطار من خلال تجهيز الخبز المحلى ( الكسرة) بالتزامن مع وقت الإفطار من أجل تناولها مع قليل من السكر والماء  لمواجهة الواقع المر.

 

وفى المراكز الإدارية والتجمعات الكبيرة تنعدم الخضروات الأطباق المتداولة داخل المدن الكبيرة، وتكتفى بعض الأسر الميسورة – مقارنة بغيرها- بشراء ربع كلغ من اللحم، ومثله من "البصل" من أجل تجهيز فطور خمسة أشخاص على الأقل، واستخدام الخبز التقليدى ( أمبور لحطب) أو البسكويت.

 

ويمتاز سكان المراكز الحضرية بالقدرة على توفير الشراب عند الإفطار، بينما يواجه سكان الريف أزمة بالغة فى توفيره بفعل انهيار القدرة الشرائية وارتفاع مديونية البعض، ويكتفى البعض بالمياه البادرة وتناول "الفول السودانى" لحظة الإفطار مع الشاي، من أجل تجاوز تعب الصيام والاستعداد لمرحلة جديدة فى مشواره ( توفير الأعلاف للماشية، والمياه لصغارها) وترتيب شؤون البيت بعد يوم من مكابدة الصيام والحر.

 

وبعمد بعض وجهاء القرى إلى النحر بداية رمضان أو وسطه من أجل توفير اللحم للسكان ولو لليلة واحدة خلال شهر رمضان المبارك، وتستعيد بعض النسوة عادات الريف القديمة من أجل توفير الإفطار خلال شهر الصيام عبر إحياء ظاهرة " ونكاله" ، حيث توفر كل أسرة إفطار نساء  الحي مرة أو مرتين فى الشهر، ويحضر الجميع للوجبة المشتركة وغالبا ماتكون الفرصة الوحيدة لتناول اللحوم فى رمضان.

 

وتنعدم المنظمات الخيرية فى مناطق الشرق الموريتانى، كما تعزف المنظمات الموجودة فى العاصمة نواكشوط عن التوجه إلى تلك المناطق أو تحويل بعض ماجمعته لصالح الفقراء المنكوبين بمناطق الريف.

 

وتوقفت مساعدات الحكومة الغذائية منذ فترة، وزاد الجفاف من وطأة الفقر وضاعف من معاناة الصيام بالحوضين خلال الفترة الحالية، لكن لاتزال القناعة بالصيام قائمة رغم صعوبته فى البادية، والفرح بالشعر الفضيل محل إجماع بين السكان، والرضى بالواقع عنوان المرحلة، رغم الفقر والتهميش.