ولد أعمر لزهرة شنقيط: لهذه الأسباب أعلنا الإضراب ونفذناه (*)

قال الأمين العام لنقابة الأخصائيين د/ أحمد ولد أعمر إن الإضراب الحالى للأطباء هو اضراب اضطراري دعته إليه الظروف الصعبة للعاملين فى القطاع، والوضعية غير الجيدة لمجمل المراكز الصحية بموريتانيا.

 

وقال ولد أعمر فى حديث مع موقع زهرة شنقيط اليوم الأثنين 16 ابريل 2018 إن الحراك الحالى بدأ قبل أشهر، وتحديدا يوليو 2017، بعد أن فشلت الجهود المبذولة من قبل الأطباء مع وزارة الصحة الجهة الوصية على القطاع، وانتهت مجمل المشاورات دون التوصل إلى اتفاق حول النقاط الخلافية،بل إن الأطباء تأكدوا أن مجمل المعطيات التى كانوا يعطونها لوزير الصحة والطاقم المساعد له، كانت تحتجز فى أروقة الوزارة وتقدم صورة مغلوطة عن القطاع للدوائر العليا فى الدولة، بل إن البعض عمد إلى تشويه الحراك الإحتجاجى، وإعطاء صورة وردية عن واقع الأطباء والمستشفيات العمومية من أجل إرباك المشهد.

 

وقال ولد أعمر إن الزيارة التى قام بها رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز لمركز الإستطباب الوطنى يوليو 2017 مهدت لتشكيل ثلاث لجان من أجل إعطاء صورة عن الواقع الصحى، وفعلا تم انجاز تقارير مقبولة وتقديم مقترحات ملموسة، رغم تغييب الأطباء عن اللجان الثلاثة، لكن بعد إحالة الملف إلى جهات الاختصاص توقفت الأمور، بل إن الوزارة عمدة إلى إعطاء صورة عن توافق شكلى بينها وبعض النقابات السائرة فى فلكها ( نقابة الموظفين فى الوزارة) ، وهو الاتفاق الذى مهد للزيادة الهزيلة التى أعلن عنها  فى نوفمبر 2017 من خلال خطاب ألقاه رئيس الجمهورية.

 

وأكد ولد أعمر أن الزيادة المذكورة لم تتجاوز 20 ألف أوقية ، تم خصم 5 آلاف أوقية منها من قبل وزارة المالية، وهو ما يعكس مستوى النظرة التى ينظر بها للأطباء والأخصائيين بموريتانيا، حيث ترفض المصالح المعنية مساواة راتب الطبيب أو الأخصائى الذى أمضى 15 سنة بعد الباكولوريا مع موظفة الاستقبال بوزارة الاقتصاد والمالية أو حاكم مساعد بمنطقة ريفية، حيث لايتجاوز راتب الطبيب الأخصائى 22 ألف أوقية جديدة، بينما تمنح الحكومة مبلغ مليون و200 ألف أوقية للطبيب الأجنبى، وتمنح مجمل القطاعات الحكومية رواتب أكبر بكثير من راتب الطبيب المعرض للمخاطر والمكلف بأهم قطاع حيوى بالدولة الموريتانية.

 

ويرى ولد أعمر أن اللقاء الأخير مع رئيس الجمهورية فى القصر مهد لمرحلة جديدة، حيث أزال اللبس عن الكثير من القضايا التى كانت مثارة، ومنها تقديم صورة وردية عن راتب الطبيب وإبلاغ الرئيس بأن الأطباء يتقاضون رواتب تصل 600 ألف أوقية، دون مايجنونه من العيادات الخاصة، وهي مغالطة كبيرة راح ضحيتها أكثر من 90 % من الأطباء الذين لايتلقون فى أكثر الأحوال أكثر من راتبهم الشهرى 22 ألف أوقية جديدة ، مع مبلغ ثلاث آلاف جديدة كتعويض عن الخدمة شهريا فى أهم المستشفيات وكل ثلاثة أشهر فى بعض المستشفيات الأخرى، مع محدودية مايتلقونه من الاستشارات فى العيادات الخاصة الناشئة.

 

وأكد ولد أعمر أن الرئيس كلف مستشاره للشؤون الاجتماعية والصحية الوزير السابق زيدان ولد أحميده بمتابعة الملف، وأمر اللجنة الوزارية بمتابعة الموضوع ( وزير الاقتصاد والمالية / وزير الصحة/ وزير التعليم العالى) ، لكن الأمور ظلت تراوح مكانها دون التوصل إلى أي اتفاق بشأن النقاط العالقة.

 

وكشف ولد أعمر عن اتصال أجراه المستشار زيدان ولد أحميد بالنقابات قال فيه إن الدولة قررت منح الأطباء قطع أرضية على غرار الأسلاك الأخرى، وأن لوائح سلمت له. لكن لم تمنح القطع الأرضية ولم تناقش اللجنة واقع الأطباء بالبلد أو المراكز الصحية التى يعملون فيها.

 

وذكر ولد أعمر بأهم المطالب المطروحة وهي مجانية العلاج فى الحالات المستعجلة، حيث يواجه الأطباء ظروفا قاسية وهم يستلقبون الآلاف فى الحالات المستعجلة، ولا يمتلكون مايعالجونهم به، وبعضهم لايمتلك أصلا ما يشترى به العلاج وحالته لا تتطلب الانتظار ولو للحظة، مما يدفع الأطباء إلى الإنفاق من جيوبهم الخاصة لتسوية تلك المشاكل بدل الوقوف عاجزين أمام مريض يتألم دون حقنة أو مسكن للآلام.

 

كما أن الأطباء طالبوا بإشراكهم فى ملف شراء الأجهزة، لأنهم من يستعملها ويشرف عليها، وبصيانة الموجود منها، بدل ضخ أموال باهظة فى بعض الأجهزة وتركها للإهمال، وعدم إصلاح أي جهاز تعرض للخل، مهما كانت تكلفته بسيطة ، وهو مايعرقل عمل الأطباء ويفاقم من النظرة السلبية للقطاع الصحى بموريتانيا.

 

واستعرض ولد أعمر غياب التكوين والتأطير، وخلو المراكز الصحية من أي مكاتب قادرة على توفير جو للمعاينة أو استقبال المرضى أو ترتيب الملفات و الإطلاع عليها، ناهيك عن ضعف الموارد المخصصة للبحث العلمى والتكوين أو منح الأطباء فرص للإطلاع على جديد الطب ومتابعة ملفات المرضى مع جهات خارجية للاستفادة من عالم حيوى، يتحرك باستمرار نحو الأفضل، بينما يخيم الركود على مجمل المراكز الصحية بالبلد، ويتحول الطبيب من شخص هو الأفضل بين أقرانه فى المحيط الإقليمى أثناء الدراسة، إلى شخص خارج الحياة العلمية بفعل ضعف الموارد وظروف الحياة القاسية وضعف البيئة العلمية الحاضنة له.

 

وأثنى ولد أعمر على الروح الإيجابية التى أستقبلهم بها الرئيس، والأخلاق التى تعاملهم بها مع الوفد الذى اجتمع به لساعتين، قائلا إنها كانت محطة مهمة ، يتمنون أن تثمر عن نتائج إيجابية خلال الفترة القادمة.

 

وعن النقاط التى شملها الإضراب قال ولد أعمر إن الإضراب شمل مجمل المراكز الصحية بموريتانيا، باستثناء الحالات المستعجلة مهما كانت ( العمليات / الولادة/ الاستشارة فى الحالات المستعجلة) ، كما تم استثناء المرضى الذين يخضعون للحجز نظرا لوضعيتهم الصحية، بينما تم إلغاء الاستشارات الخارجية والعمليات التى كانت مبرمجة أيام الإضراب.

 

-----------

(*) الإشارة الحمراء حملها مجمل الأطباء المشاركين فى الإضراب، رغم تقديمهم الخدمة الضرورية داخل مجمل المراكز الصحية بموريتانيا