كشف كتاب "موريتانيا المعاصرة شهادات ووثائق" تفاصيل المؤامرة التي تعرض لها أمير اترارزه محمد فال ولد عمير خلال فترة حكم الرئيس الراحل المختار ولد داداه (رحمة الله على الجميع)، وذلك سنة 1963، والطريقة التي تم بها الصاق تهمة التخطيط لانقلاب عسكري ضد الأمير.
وورد في الطبعة الثانية من كتاب "موريتانيا المعاصرة" لمؤلفه سيد أعمر ولد شيخنا أن رجل يدعى "المداني" مولود في المملكة المغربية انخرط باكرا في جهاز الاستعلامات الخارجية، وأقام سنة 1963 بدكار وتعرف هناك على عدد من رجال المخابرات الموريتانية، وتعمقت العلاقات بين الطرفين، وفي دكار قابل المداني مسؤولا موريتانيا رفيعا طلب منه أداء خدمة معينة، وعرض عليه الانتقال إلى موريتانيا والإقامة فيها، وبالفعل عاد المداني مع هذا المسؤول في طائرته.
وأضاف المؤلف أنه في نواكشوط أقام المداني في منزل سري بالعاصمة، قبل أن يتم ارساله إلى نواذيبو مع وال جديد موضع ثقة لدى الدوائر العليا في السلطة، وفي نواذيبو هيأ الوالي الجديد موكبا من سيارات "لاندروفير"، وأرسل المداني رفقة عسكريين نحو بير أم كرين، وفي محيط هذه المدينة تم إنزاله وتسليمه ملفا من بضعة أوراق، مع طمأنته أن دورية عسكرية من بير أم كرين ستصله بعد مدة يسيرة، حيث كانت الجهات المعنية في نواكشوط قد بعثت برقية مستعجلة إلى حاكم بير أم كرين الملازم أحمدو ولد عبد الله، بوجوب البحث في محيط المدينة عن مغربي يحمل مخططا تخريبيا، موجها من المغرب إلى الأمير محمد فال ولد عمير، وبالفعل عثر حاكم بير ام كرين بسهولة على المداني وهو يتأبط الملف وعلى الفور اعترف لهم يان الملف موجه إلى ولد عمير، كما هو متفق عليه مع الداوئر العليا في السلطة نواكشوط.
وأشار المؤلف إلى أن السفير الفرنسي في تلك الفترة (1963)، جان فرانسوا منيو، يقول في مذكراته "العمر السابع" أن السلطات المغربية احتجت لدى نظيرتها الفرنسية على المعاملة السيئة التي يلقاها أحد مواطنيها في نواكشوط تقصد "المداني"، وبعد التحري تكتب السفير "دنيو" إلى سلطات بلاده ان السجين المغربي هو بمثابة المفوض المركزي بنواكشوط، ففي العاصمة الموريتانية لم يكن يوجد سجن في تلك الفترة، وكان المداني الموقوف بالمفوضية المركزية بالعاصمة، ونظرا لخبرته، يساعد المفوض في تلقي شكايات المواطنين، وتفرغ المفوض للذهاب إلى البادية وشرب الحليب، تاركا للمداني القيام بشؤون المفوضية.