شنت سلطة تنظيم النقل بموريتانيا حملة شرسة ضد العاملين فى مجال القطاع، تحت ضغط من رجال الأعمال المستثمرين فى المجال واستغلال لهشاشة المنظومة المكلفة بتسيير القطاع فى ظل تنازع الصلاحيات بين المؤسسة والوزارة واشتباك الأخيرة مع أطراف فاعلة بصنع القرار.
وتحولت التسهيلات التى قدمها الرئيس محمد ولد عبد العزيز عشية وصوله للسلطة 2008 من أجل إنقاذ قطاع النقل إلى وسيلة لدى السلطة المكلفة بالقطاع من أجل ترويض البعض ومنح الآخر فرصة تسيير شركته وفق أحسن الظروف وأكثرها ملائمة، مع حماية بنصوص قانونية تستبطن تقويض المنافس.
ولم تمنح سلطة تنظيم النقل أي فرصة زمنية مقبولة للشركات الخصوصية العاملة فى المجال من أجل ترتيب أمورها وفق امكانياتها المحدودة فى الأصل، بحكم أن جل المستثمرين فيه من المستفيدين أصلا من رخص الرئيس وتسهيلاته الرامية إلى إنعاش قطاع النقل وامتصاص البطالة ( إلغاء الجمركة عن الباصات وتشجيع المنافسة عبر منح الرخص لطالبيها، وتشجيع المقاولات الصغيرة عبر السماح بإنشاء شركات صغيرة قادرة على توفير الخدمة وتشغيل بعض العاطلين) وليسوا من تجار البلد المشهورين بالثراء أو الشركات ذات رأس المال المختلط.
وقد سعت سلطة التنظيم إلى إلزام الشركات بسلسلة بفتح مقار قابلة لإحتضان الباصات وتوفير "حمامات" داخلية للزبناء، ثم عززت شروطها من أجل تقويض أكثر من 20 مؤسسة كانت فى مكان مقبول ومريح للزبناء والشركات والعاملين فى القطاع بشكل خاص ( كرفور صباح).
ثم عادت السلطة من جديد لفرض أجندتها وتقويض الشركات الخصوصية المستثمرة فى القطاع وتشجيع أخرى بدت كل الإجراءات وكأنها فصلت من أجلها، مستغلة انشغال الرئيس بترتيب ملفات أهم (سياسية وأمنية واقتصادية)،وضعف متابعة الحكومة لأحوال البلد، وعجز الوزير المكلف بالنقل عن القيام بأي خطوة بفعل الحصانة التى يتمتع بها رئيس سلطة النقل الجديد من طرف الممسكين بالفعل بملف النقل ممن لاتزال لهم اليد الطولى فى كل ملفات القطاع ومتعلقاته.
ويواجه ملاك الشركات الخصوصية أزمة متفاقمة بفعل الإغلاق المفروض بقوة القانون والمحاصرة من قبل مستثمرين خصوصيين تولوا توفير حائط مهجور عند مدخل العاصمة الشمالى بأسعار غالية، وحكومة منشغلة عن واقع البلد وبعض أطرافها شريك فى تدمير أبرز تجربة للنقل الخصوصى بين العاصمة نواكشوط والعاصمة الاقتصادية نواذيبو.
وينشد العاملون فى القطاع تدخل الرئيس من أجل احتواء الأزمة وإنقاذ القطاع من سطوة بعض رجال الأعمال، عبر السماح للشركات العاملة على طريق نواكشوط – نواذيبو استعادة مقراتها والقيام بأعمالها وطرح خطة قابلة للتطبيق وضمن آجال زمنية معقولة، يراعى أصحابها واقع الشركات الصعبة وحاجة البلد الأمنية والاقتصادية والتنظيمة، بدل تمكين بعض الخصوصيين من الملف عبر رزمانة من القوانين والإجراءات غير المتفق عليها، ظاهرها صالح الرأي العام وباطنها تمكين البعض وإفقار الآخر.
ويرجع البعض الأزمة الحالية إلى ضعف التجربة لدى الممسكين بملف سلطة النقل بموريتانيا وتغول بعض الأطراف الممسكة بالفعل بملف النقل بموريتانيا ومحاولة بعض رجال الأعمال تدمير المؤسسات الخصوصية المنافسة من أجل حصد أكبر قدر ممكن من الأرباح دون اهتمام بالأضرار الجانبية أو المشاكل التى يخلقها للآخرين.