نذر أزمة بالحوضين .. أفول دولة أم تجويع مقصود؟

سيد أحمد ولد باب / مدير موقع زهرة شنقيط

تمر مناطق واسعة من الحوضين بجفاف مبكر، وسط قلق متصاعد بين السكان مما ستؤول إليه الأمور، وعجز بالغ الخطورة من قبل الدوائر الرسمية المكلفة بتسيير البرنامج الحكومى، وارتباك يعكسه حجم التناقض بين المصرح به فى وسائل الإعلام والعمل على أرض الواقع.

 

ويقول مندوب لموقع زهرة شنقيط زار الحوضين فى الفترة الأخيرة إن الآلاف من سكان المنطقة يهتمون بأخبار الوضع الأمنى فى مالى، وانتخاباتها الرئاسية( يونيو 2018)  أكثر من اهتمامهم ببرنامج أمل الذى ترعاه المفوضة نجوى بنت كتاب، بحكم التعويل على الاستقرار فى الجنوب بعد تجارب قاسية مع الحكومة الموريتانية، والمخاوف من تحول الأمر إلى دعاية تستثمرها بعض الأطراف الفاعلة فى المشهد، وفواتير شهرية لكبار الموردين فى البلد، بينما يحصد ملاك الثروة الحيوانية المزيد من التهميش والتجويع والحرمان، بفعل مركزة الأمور فى المدن، وترك المنافسة بين تجار التجزئة من أجل شراء أكبر قدر ممكن، عبر آليات معروفة فى المدن الكبيرة أو التعامل مع المسيرين لمتاجر أمل دون اكتراث بالشروط المنصوص عليها من طرف الرئيس ومعاونيه.

 

ويقول مندوب زهرة شنقيط إن السكان يستغربون تجاهل القطاعات الوزارية المعنية بالملف لمحنة الآلاف من سكان المنطقة، وكيف لم تسمح الحكومة لوزراء الداخلية والبيطرة والمياه ومفوضية الأمن الغذائى بزيارة المناطق الداخلية من أجل الإطلاع على أوضاع المنمين وطمأنة السكان.!

 

وتغيب الدعاية الحكومية بشكل كبير عن سكان المنطقة الشرقية بفعل انعدام بث الإذاعة الوطنية فى مجمل المناطق الريفية والتجمعات الكبيرة، وغياب أي وجود للتلفزيونات العامة أو الخاصة خارج المدن الكبيرة(عواصم الولايات) ، وانشغال متابعيها من النساء والأطفال بأخبار المسلسلات التركية وجديد الموضة أو الرياضة فى أحسن الأحيان.

 

وتوجد مناطق رعوية جيدة فى منطقة "أوكار" لكن عجز الإدارة الإقليمية عن تسيير المجال الرعوى، حولها إلى صراع لأصحاب النفوذ، عبر منع السكان من الحفر بها، بحكم تحكم القبائل فى المجال الرعوى، وانصياع الإدارة والأجهزة الأمنية بالمنطقة لما يقرره أصحاب السطوة والنفوذ، وخصوصا من النواب والعمد المرتبطين بدوائر أمنية أو إدارية أو تنفيذية بنواكشوط.

 

كما أن وزارة المياه والصرف الصحى ( عنوان الفشل الأكبر بالمنطقة) تبدو عاجزة عن حفر آبار ارتوازية – ولو بشكل مؤقت- فى المناطق المذكورة من أجل توفير المياه فى المناطق الرعوية، وهو إجراء من شأنه التخفيف من الضغط الحاصل فى مناطق الداخل، بحكم توفر المراعى بمناطق "أوكار" بشكل يضمن استقرار الثروة الحيوانية فيها، لكن شبح العطش دفع بعدد من ملاك الثروة إلى المغادرة باتجاه الأراضى المالية بحكم توفر المياه بأسعار مقبولة.

 

ولم توزع مفوضية الأمن الغذائى أي حبة قمح أو علف بالمناطق الرعوية المذكورة، وتتحدث المفوضة وبعض أعضاء الحكومة عن 6 آلاف طن أرسلت للداخل، وعن صفقة سيتم بموجبها نقل الأعلاف إلى المناطق الهشة من موريتانيا، لكنها إجراءات لاتزال حبيسة التصريحات الإعلامية لحد الساعة، بحكم الطلب المتزايد على العلف وارتفاع أسعاره بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة.

 

وترفض الحكومة إلغاء التعرفة الجمركية على الأعلاف الواردة من مالى أو الكوديفوار، بحكم تحكم رجال أعمال ينتمون لمناطق أخرى فى تسيير المتاح من الثروة وصناعة القرار ،دون الاهتمام بما ستؤول إليه الأمور داخل الشرق إذا أستمر الحرمان المتصاعد للآلاف من المنمين والفقراء.

 

ولم يستقبل الرئيس أي وجيه من المنطقة منذ أشهر، كما لم يستدع كبار المنمين فى المنطقة أو يقم بزيارة  ولو لبضع ساعات- إلى المراكز التى تتمركز فيها الثروة، بحكم أجندته المشحونة والأولوية التى يعطيها لقطاعات أخرى حيوية كالزراعة والصيد ومتابعة المشاريع الموجهة لسكان العاصمة نواكشوط، ناهيك عن ضعف المستشارين المحيطين به أو المتبقى منهم فى القصر على أصح تعبير.