كيف أدارت الأغلبية حملة الدستور؟ تفاصيل تنشر لأول مرة / خاص

شكلت الحملة المحضرة للإستفتاء الدستورى بموريتانيا أول اختبار للأغلبية الداعمة للرئيس منذ انتخابات 2013 ، والخلل الذى أطاح بأغلب رموز الحزب الحاكم، بعد أن فقد السيطرة على مجمل هياكله الفاعلة، وخرج أنصاره من إكراهات الانضباط "غير المنصف" إلى رحابة الفعل المستقل أو الأحزاب الوليدة التى طرحها أصحابها للإيجار فى موسم بالغ التعقيد.

 

تقول مصادر خاصة لموقع زهرة شنقيط إن الرئيس محمد ولد عبد العزيز وبعد التشاور مع أركان حكمه قرر تشكيل لجنة عليا لإدارة الحملة المحضرة للدستور ، ضمت الثلاثى المعروف ( رئيس الحزب الحاكم سيدى محمد ولد محم، والوزير الأول يحي ولد حدمين، والوزير الأمين العام للرئاسة مولاي ولد محمد لغظف) وبعد سلسلة اجتماعات بمقر الحزب وأخرى خارج الحزب تقرر تشكيل إدارة الحملة المحضرة للإستفتاء، وإنضاج مجمل الوثائق المحضرة له وأهمها :

 

الدعوة للإستفتاء

مشروع الاستفتاء

دليل الاستفتاء

إقرار الأجندة الزمنية

فرز الأطراف المستفيدة من الدعم الحكومى الموجه للإستفتاء

إقرار خطة العمل المحضرة للإستفتاء ( المهرجانات وبرنامج الزيارات الرئاسية والجولات المحضرة لها )

فرز النقاط المصنفة من قبل الأغلبية كمناطق تحدى، وآلية التعامل معها.

 

وبعد الخروج المفاجئ للوزير الأول الأمين العام للرئاسة مولاي ولد محمد لغظف من المشهد الحكومى فجأة، تقرر إشراك خليفته فى المنصب والمسؤولية سيدنا عالى ولد محمد خونه فى الترتيبات التى تم إقرارها بعد التشاور مع الرئيس، وبعض الفاعلين فى نظام الحكم.

وقد تم تصنيف العاصمة كأهم النقاط التى يجب التعامل معها بقدر كبير من الفاعلية بحكم الطبيعة الثورية لسكان المدن، وتأثرها بالمحيط القريب ( أترارزه) والحراك الفاعل للمعارضة فيها منذ أشهر.

وبموجب التصنيف الجديد تقرر تقسمها إلى ثلاثة دوائر والدفع بعدد من أعضاء الحكومة البارزين إلى واجهة الحملة فيها كوزير الخارجية والاقتصاد والمالية والمعادن والطاقة.

 

غير أن المراجعة الأخيرة للوائح رجحت رأيا آخر وهو توحيد العمل فى العاصمة بدل خلق التنافس بين الفاعلين فى الولايات الثلاثة، وكان إبعاد وزير الخارجية إلى ولاية "إينشيرى" المصنفة كمعقل تقليدى للنظام والفاعلين فيه رسالة تحكم واضحة من بعض أطراف اللجنة، لكن تم تصعيد وزير الاقتصاد والمالية بحكم الفاعلية التى أظهر فى مكطع لحجار والثقة التى يتمتع بها لدى الرئيس وعلاقته الإيجابية ببعض أطراف اللجنة الأخرى، ضمن توازن حرصت اللجنة على القيام به بعد التشاور مع الرئيس.

 

ولتعزيز الجهود المبذولة تم استدعاء مجمل العمد المنتسبين للحزب الحاكم إلى العاصمة نواكشوط من أجل تفعيل المنتخبين المنتمين للأغلبية وتمرير رسائل ود عبر بوابة الحزب لكل المندفعين فى تعديل الدستور.

 

وكان لرئيس رابطة العمد الشيخ ولد بايه دوره فى هذه الحلقة بحكم العلاقة المعروفة له بالرئيس، وحرصه على إظهار امتعاض العمد مما آل إليه وضع المنتخبين ، والمطالبة بمساعدة العمد ماليا وإعادة الاعتبار لهم معنويا، وهو مارد عليه رئيس الحزب الحاكم بالإيجاب على الفور، ووجه الرئيس بتنفيذ بعضه على الفور كذلك، مع ترك الباب مفتوحا على مصراعيه لتنفيذ مطالب أخرى قد تكون أكثر جاذبية للعمد الحاليين، أو الطامحين مستقبلا لشغل المنصب ضمن الحراك الإنتخابى المتوقع إعلانه فى الوقت القريب.

 

وقد أفضت مشاورات اللجنة والرئيس إلى إقرار ما أنضجته جلسات الحزب الحاكم من لجان، فتم تكليف مجمل أعضاء المكتب التنفيذى والمجلس الوطنى للحزب ومستشارى الرئيس باللجان المركزية، وكان لأعضاء الحكومة الدور الأبرز بحكم الانتماء للحزب (الواجهة السياسية) والحكومة (الجهة التنفيذية)، مع إرث قانونى يسمح للحكومة بمباشرة العملية الانتخابية إلى جانب المستقلة للانتخابات بعد أن أقرت النخبة الحاكمة 2005 الاستفتاء الدستوري فى ظل غياب الأحزاب وهيمنة المستقلين.

 

ولتفعيل الحملة وتحضيرها تقرر إرسال الوزير الأول يحي ولد حدمين إلى ولايات الداخل وتحديدا "كوركل" و"لبراكنه" و"لعصابه"، بينما تولى رئيس الحزب الحاكم سيدى محمد ولد محم ملف ولاية أترارزه بحكم الكثافة الانتخابية للولاية وما أسمته الأغلبية بالتأثير الفاعل لها فى صناعة الرأي العام داخل البلد والعاصمة نواكشوط بشكل خاص، وضعف تكاليف التصويت فى حالة حسم الأمور لصالح المشاركة فى الاستفتاء بحكم وجود المكاتب بين منازل السكان المسجلين فيها.

 

فسح المجال للرئيس

 

وقد أرتأت بعض الأطراف الفاعلة فى الحملة والمكلفة بتسييرها بالتوقف عن أي ظهور إعلامي أو سياسى بحكم الدور الذى سيتولاه الشخص الأول فى البلد ( محمد ولد عبد العزيز) واستغلال ما أسموه منجزات الرجل خلال العشرية الأخيرة من أجل الترويج للمشروع وإقناع الناخبين به، بدل تحويل الحملة إلى مهاترات إعلامية أو مناسبة للظهور، وكان نصيب اللجنة العليا لتسيير الحملة من الظهور صفر.

 

ولدواعى انتخابية محضة تم السماح للوزير الأمين العام للرئاسة بالتوجه إلى مقاطعة "أمرج" ذات الكثافة السكانية الكبيرة، وتم دمج وزير الداخلية فى ملف إدارة الحملة المركزية وتكليفه بشكل مباشر بملف الإدارة الإقليمية ، عبر متابعة الحراك فى الداخل وفرز نقاط التأثير والضعف، وتحريك الإدارة الإقليمية لمجمل الشيوخ المرتبطين بها ونقل الناخبين يوم الاقتراع على الدستور.

 

وتولى رئيس الحزب تسيير الحملات داخل البلد عبر التواصل مع أعضاء المكتب التنفيذى المكلفين بها، وتوفير السيولة المالية اللازمة للنقل والصور واللافتات وتسيير الدعاية الإعلامية للأغلبية الداعمة للرئيس عبر الحصص المجانية الممنوحة لها فى التلفزيون والإذاعة – وهي كثيرة- وتفعيل المبادرات المحلية والوجهاء المرتبط بالحزب من أجل حشد الدعم لمشروع الاستفتاء الدستورى.

 

وتبدو محطة "شارع القوات المسلحة" آخر حلقة من حراك الأغلبية نحو الشارع وكسب الجمهور، بينما يتوقع أن تدفع الأغلبية بممثليها إلى المكاتب بعد اعتماد ممثل لكل مكتب، وتوفير اللائحة الانتخابية له من طرف الحزب الحاكم، وتحديد نقاط التحدى والمناطق التى تحتاج إلى توفير النقل، والتواصل مع الداخلية من أجل تأمين الوسائل اللازمة لنقل المصوتين، وفرز لائحة الوجهاء المنخرطين فى التعبئة للإقبال على التصويت وتذكير المقرين فى الوقت الملائم عبر الاتصال المباشر أو الهاتفي لتفادى أي خلل.