أيقونة النقد المعاصر يترجل..

تداول اغلب المدونين زوال اليوم الأحد 28-12-2014 نبأ وفاة أيقونة النقد المعاصر، وأبرز شعراء البلاد الشباب الشاعر والأديب الخلوق محمد ولد عبدي بعد رحلة علاج قادته إلي فرنسا والسعودية التي عاد إليها قبل أيام ليخلد للراحة بعد رحلة حياة متعبة.

 

ولد الشاعر محمد ولد عبدي 1964 بمدينة كرو (عروس لعصابة) وسط البلاد، حيث درس القرآن وعلوم اللغة العربية، قبل أن ينتقل إلي نواكشوط لإكمال دراسته بكلية الآداب والعلوم الإنسانية  التي منحته الإجازة دون تردد في اللغة العربية التي بات أحسن فرسانها المعاصرين.

 

في جامعة محمد الخامس بالرباط حصد الليصانص في الترجمة، وفي معهد بورقيبه للغات بتونس حصل علي شهادة التدريس بعد رحلة علم أخري قادته إلي تونس.

 

شغل الراحل دون عناء عضوية اتحاد الكتاب الموريتانيين، وعضوية اتحاد الكتاب العرب، وأسس جمعية غرناطة للثقافة والفنون بموريتانيا.

 

من بوابة غرناطة شارك في العديد من المؤتمرات العربية والدولية، وكان صوت البلاد بلا منازع في العديد من المحافل العالمية وخصوصا المهرجانات الشعرية، وهو يزاحم كبار الأدباء والشعراء.

 

تناثرت قصائده في الفترة مابين 1993 و1996 واهبة المكتبة العربية خيرة الدواوين، ومعطية إشارة للقاري العربي بميلاد نجم هو الأكثر قدرة علي التعبير عن حالة الوطن العربي المعاصر.

 

لم يكن ولد عبدي مجرد شاعر ينثر قصائده في المناسبات أو يكتب الشعر لقضايا تجاهلها البعض، بل كان صاحبة رسالة، وصاحب رؤية نقدية ثاقبة، فرض من خلالها رؤيته الخاصة للأدب منذ بحثه "جدلية الشرق والغرب في الشعر العربي المعاصر" ، مرورا بكتابه الشعر الموريتاني المعاصر.

 

تخطفته الغربة باكرا بعد النبوغ الذي تميز به، والجفاف الفكري الذي عانته منه البلاد في الفترة الأخيرة بفعل غياب الاهتمام بالرموز الثقافية والفكرية، فكانت الإمارات محضنه الذي استقر به، متواصلا مع وطنه الأم (موريتانيا) عبر الجالية الكبيرة المقيمة فيها، مع حضور فكري وأدبي في مجمل المحافل التي تتاح له فرصة المشاركة فيها رغم انشغاله بالبحث والمطالعة وأجواء العمل الضاغطة.

 

تدهورت حالته الصحية كثيرا خلال الأشهر الأخيرة، لكنه ظل محافظا علي الروح الأدبية الممتعة للجمهور، متواصلا مع بلده ولو عبر الهاتف ، وكانت أمسية الإذاعة الموريتانية الأخيرة أكثر دليل علي مكانة الرجل المريض الذي أصر علي مداعبة أسماع الموريتانيين بجديد النقد والشعر، وهو حالة الفراش ، مستغلا الفرصة الوحيدة التي منحت له ولو عبر الهاتف ليقول لبلده أنه "حي يرزق"، لكنها للأسف حياة لم يكتب لها أن تطول.