يعبر الوزير الأول لموريتانى يحي ولد حدمين متوجها إلى مدينة "أنيور" المالية من أجل لقاء الزعيم الصوفى محمدو ولد الشيخ حماه الله (بوي) فى محاولة لتبديد الغيوم القائمة بينه وبين الرئيس محمد ولد عبد العزيز منذ زيارته الأخيرة للملكة المغربية.
الزيارة تأتى فى ظرف حساس من الناحية السياسية ، لكنها تعكس النظرة التى تحكم البلد فى الوقت الراهن والعلاقة المتوترة بين الرئيس وزعيم الحمويين بموريتانيا ، حيث أختار الرئيس هذه المرة أن يدفع إليه ببعض الرموز المحسوبة عليه من أجل تذكيره بمستوى الحضور لأنصار وأتباعه وحلفائه فى المشهد العام، مفندا الدعاية التى يطلقها أتباع الزعيم الحموى عن تهميشهم داخل البلد واهمال المنطقة التى ينتمون إليها.
تذكير لايخلو من عتاب واحباط، فالرجل الذى ظل ابن عمه ورجل الأعمال البارز "عالى ولد الدولة " هو الوسيط المعتمد مع الشيخ الحموى طيلة مسار العلاقة بين الرجلين، يري أن مواقف "بوي" الأخيرة نابعة من تأثير بعض أتباعه الطامحين لتعزيز مراكزهم داخل هرم الدولة الموريتانية فى الوقت الراهن ، وبعض القوى الإقليمية الفاعلة فى المنطقة والراغبة فى توتير الأجواء بينه وبين الحكومة الموريتانية، ولاعلاقة لما حصل بتعامل الحكومة الموريتانية معه قبل المرض أو بعده.
ويذهب مقربون منه إلى القول إن ولد عبد العزيز كان أول المبادرين بعرض علاجه فى الخارج، مهما كانت التكلفة، لكن اختياره للملكة المغربية يجعل من عرض الحكومة مكرمة غير مقبولة، ولايغير من تحالفات نسجت خلال الفترة الماضية، لولا دخول بعض السياسيين على خط الأزمة بفعل الحراك الداخلى بموريتانيا.
وبغض النظر عن تداعيات الأزمة الماضية وتشابك الخيوط فيها، إلا مغادرة الوزير الأول يحي ولد حدمين ووزير الداخلية أحمدو ولد عبد الله إلى الشيخ محمدو ولد الشيخ حماه الله بأنيور لايمكن أن تتم دون ترتيب – غير معلن- مع الشيخ ذاته، لأن أي نتيجة لها غير الإعلان الصريح عن تبدد غيوم الفرقة يعنى النهاية السياسية المبكرة للرجلين، اذا لايمكن أن توضع الحكومة والدولة الموريتانية فى موقف أخلاقى محرج، أو يقبل الوزير الأول يحي ولد حدمين ووزير الداخلية أحمد ولد عبد الله بالعودة من "أنيور" بخفى حنين فى وقت بالغ الحساسية والدقة لكل الفاعلين فى الحياة السياسية بموريتانيا.
ومع عبور ولد حدمين طريق "كوبنى – أنيور" تكون ملامح مشهد جديد قد رسمت بالفعل، فى انتظار ما ستفرزه الزيارة من مواقف وربما تصريحات متلفزة تبدد مخاوف الحكومة بشأن الإستفتاء فى "كوبنى" أو تجعل الشيخ فى مواجهة فعلية مع الرئيس ومعاونيه فى ظل وضع لايقبل فيه الحياد أو اتخاذ مواقف رمادية بحكم رهان الرئيس على نتائج الإستفتاء وقوة الفرز داخل الساحة الداخلية بموريتانيا خلال الأشهر الأخيرة.