النجاح تخطط لابتلاع أسواق العاصمة.. خاص

طرحت شركة النجاح مشروعها القاضي بتحويل المنطقة الشرقية والشمالية من المطار الحالي إلي سلسلة من الأسواق المتخصصة، والبديلة عن الأسواق التجارية الحالية بدعم من أطراف نافذة في السلطة حاليا.

 

وتقول الشركة إن الأسواق الجديدة ستكون جاهزة في أفق 2017، وأن العمل فيها سيبدأ ابريل 2015 علي أبعد تقدير.

 

مخطط لابتلاع أسواق العاصمة

 

وتقوم فكرة الأسواق الجديدة علي الاتصال بكافة التجار في نواكشوط من أجل شراء متاجر في الأسواق الجديدة، وإعطاء تعهد للشركة قبل الشروع في تنفيذ مخططها بالتحول عن الأسواق القديمة المشهورة (الميناء- السبخة- أكلينيك- كبتال- شارع الرزق)، مع ضمان توفير أسواق متخصصة لكل الجهات الراغبة.

 

وقد بدأت الشركة في القيام بزيارات ميدانية للتجار، والتجول بهم في مطار نواكشوط القديم والجديد، وعرض المخطط الحالي أمامهم بغية جلب أكبر قدر من الزبناء.

 

ولقت الفكرة استحسان التجار العاملين في مجال الخردوات، والذين طالبوا ببناء سوق خاص بهم من 600 وحدة، كما طالب تجار الملابس بسوق مشابه في المنطقة.

 

وقامت الشركة بتنظيم رحلة لأغلب المستثمرين في سوق الهواتف النقالة من أجل عرض الفكرة، وشرحها، وسط موافقة أولية علي بناء سوق خاصة بالهواتف النقالة في موريتانيا.

 

تدمير مدن وإنعاش أخري

 

ويهدف مخطط الشركة الحالي إلي تدمير ثلاث مقاطعات تجاريا علي الأقل، هي الميناء والسبخة وتفرغ زينه، حيث كانت استفادة المقاطعات الثلاثة من أسوقها أبرز عامل استقرار للقاطنين فيها، كما أنها ستهبط بأسعار القطع الأرضية والمتاجر إلي أسوء مراحلها إذا تم تمرير الفكرة المقام بها حاليا.

 

غير أن المشروع ستكون له فوائد مباشرة علي المنطقة الشرقية من العاصمة نواكشوط، باعتبار مقاطعة دار النعيم (عاصمة الولاية الجديدة) ستحتضن في نهاية 2017 أكبر تجمع تجاري بموريتانيا منذ استقلالها عن فرنسا،وسترتفع أسعار المنازل والإيجار فيها إلي معدل قياسي بفعل مساعي الشركة لضم أكبر الفاعلين الاقتصاديين في مكان واحد.

 

وستكون عائدات المجلس المحلي من الضرائب الأعلى في البلاد.

 

ضربة تجارية لأكثر من طرف

 

ويهدف مخطط شركة النجاح إلي توجيه ضربة تجارية لأكثر من طرف داخل البلاد، باعتباره يشكل تهديدا جديا لاستمرار الحياة في المقاطعات المجاورة للبحر، والتي يكابد سكانها المياه والبرد والتهميش بما يحصلون عليه جراء العمل في الأسواق الشعبية المتناثرة في مناطقهم، والدخل العائد علي أبناء تلك المقاطعات من الخدمات التي يقدمونها أو المحال التجارية الصغيرة (البيع بالسقط) للعاملين في الأسواق.

 

كما سيشكل خسارة كبيرة لكافة مطاعم السبخة والميناء وتفرغ زينه، وسيمنح في المقابل فرصة للشركة من أجل تأسيس سلسلة م المطاعم، وهو مايعني تحويل قوت أكثر من 300 ألف شخص لصالح شخص واحد.

 

كما أن رجال الأعمال الذين استثمروا بأموالهم في أسواق أو مقار تجارية في وسط المدينة سيفقدون أكثر من 70% من عوائدهم المالية دفعة واحدة بفعل التسهيلات الممنوحة للشركة من طرف رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز وبعض معاونيه.

 

كما أن المجالس المحلية في المقاطعات الثلاثة ستواجه أزمة سيولة حقيقة بفعل انخفاض دخلها من الضرائب لأسوء مراحلها علي الإطلاق بفعل انتقال الأسواق التجارية كافة منها إلي مقاطعة دار النعيم بالمنطقة الشرقية.

 

وتطرح الفكرة أكثر من سؤال علي صناع القرار بموريتانيا، ولعل ابرز الأسئلة المثارة حاليا هي :

 

لماذا تمنح كل هذه التسهيلات لشركة واحدة؟

 

وماهو البديل الذي ستقدمه الدولة لفقراء الميناء والسبخة؟

 

وكيف ستتعامل الدولي مع التحدي الأمني الذي يهدد مصالح التجار من خلال البيض في سلة واحدة من خلال حشر كافة تجار البلد في رقعة مطار نواكشوط؟

 

وماهي التدابير الأمنية التي ستتخذها الحكومة لتأمين ثلث الثروة الموريتانية وقد حشر في قطعة أرضية واحدة؟

 

وماهي المشاريع الاجتماعية التي ستلزم بها الشركة من أجل تخفيف الضغط النفسي الذي يشعر به سكان أفقر مقاطعة، وهم يشاهدون أكبر تجمع للثروة والنفوذ علي مرمي حجر من منازلهم المتناثر علي جنبات المطار؟

 

غير أن السؤال الأهم هو كيف سيتعامل تجار العقارات والأسواق القديمة مع الإفقار الممنهج لهم من قبل الحكومة وثلاثة من رجال الأعمال فقط؟ وهل سيتركون أموالهم وعقاراتهم تنهار بشكل مخيف لمجرد أن شركة مدللة منحت مالم يمنح لغيرها منذ وصول الرئيس الحالي للسلطة قبل أكثر من سبع سنوات؟

 

أسئلة كثيرة تحتاج إلي من يجيب عنها، وربما يكون لنا وقفة مع تداعيات القرار الأخطر بموريتانيا، مستشرفين مستقبل البلاد التجاري في ظل تغول شركة النجاح وغياب الدولة الراشدة، ومواقف المتضررين مما يخطط له، وخصوصا سكان السبخة والميناء وملاك الأسواق الشعبية القديمة.